للإنسان أو موضوعا ، وصورته النّفس الناطقة ، أي ينبغي أن يكون الحيوان المأخوذ بهذا الاعتبار مادّة للإنسان ، كالجسم المأخوذ بهذا الاعتبار.
وإنّما يجزم به الشيخ هنا على ما يشعر به قوله : «فربّما كان لا يبعد» ـ إلى آخره ـ كما جزم به في الجسم ، لأنّ القياس وإن كان يقضي أن يكون الحيوان المأخوذ بهذا الاعتبار مادّة بالمعنى الأخصّ ، وأن يكون المأخوذ معه خارجا عن حقيقته صورة بالمعنى الأخصّ أيضا ، أي صورة مقارنة للمادّة كما في صورة فرض الجسم مادّة ، لكنّه غير ظاهر في الحيوان بالنسبة إلى الإنسان ، لأنّ ما يؤخذ مع الحيوان حينئذ بشرط لا شيء هو النفس الناطقة ، وهي ليست بصورة مقارنة للمادّة بل مفارقة عنها ، فليس الحيوان أيضا إذا فرض مادّة لها ، مادّة بالمعنى الأخصّ بالنسبة إليها ، كما أنّ تلك الصورة ليست صورة مقارنة للمادّة.
فلذلك قال الشيخ فيما نقلنا عنه في مقام تحديد النّفس (١) : «إنّ ما كان (٢) من الكمال مفارق الذّات لم يكن بالحقيقة صورة للمادّة وفي المادّة ، فإنّ الصورة التي هي في المادّة ، هي الصورة المنطبعة فيها القائمة بها ، اللهمّ إلّا أن يصطلح فيقال لكمال النوع : صورة النوع.»
وحيث كان الأمر كذلك ، لم يجزم به الشيخ هنا ، بل قال على سبيل الاحتمال «فربّما كان لا يبعد أن يكون مادّة للإنسان أو موضوعا وصورته النفس الناطقة» أي فربّما كان لا يبعد أن يكون مادّة للإنسان أو موضوعا بالمعنى الأعمّ المتناول لما نحن فيه ، يعنى إن أطلقنا المادّة عليه ، أطلقناها وأردنا بها المعنى الأعمّ الذي يشمل ما يتعلّق به شيء آخر نوعا من التعلّق ، كالبدن بالنسبة إلى النفس المجرّدة المتعلّقة به ، وإن لم يصحّ إطلاق المادّة عليه أطلقنا الموضوع عليه ، وأردنا به هذا المعنى الأعمّ أيضا ، وعلى التقديرين ، لو صحّ إطلاق الصورة على ذلك الأمر الزائد الآخر ـ وهو هنا النّفس الناطقة ـ ولو لم يكن
__________________
(١) الشفاء ـ الطبيعيّات ٢ / ٧ ، الفصل الأوّل من المقالة الأولى من الفنّ السادس.
(٢) في المصدر : فما كان من الكمال.