أو التّصرّف يستلزم الإدراك.
وبيان ذلك : إنّهم ذكروا : أنّ المدركة من هذه ، إمّا مدركة لما يمكن أن يدرك بالحواسّ الظّاهرة ، وهو ما يسمّى صورا ، وإمّا لما لا يمكن أن يدرك بها ، وهو ما يسمّى معاني ، وأنّ المعينة التي تعين على الإدراك ما تحفظ المدركات من غير تصرّف ، ليتمكّن المدركة من المعاودة إلى إدراكها أو بالتّصرّف فيها ، وكذلك المعينة بالحفظ معينة ، إمّا لمدركة الصّور أو لمدركة المعاني. فهذه خمس قوى :
الاولى ، مدركة الصّور ، وتسمّى حسّا مشتركا ، لأنّها خيالات المحسوسات الظّاهرة بالتّأدية إليها.
والثّانية ، معينتها بالحفظ ، وتسمّى خيالا ومصوّرة.
والثّالثة ، المتصرّفة في المدركات ، وتسمّى متخيّلة ومفكّرة باعتبارين كما سيأتي بيانه.
والرابعة ، مدركة المعاني وتسمّى وهما ومتوهّمة.
والخامسة ، معينتها بالحفظ ، وتسمّى حافظة وذاكرة.
في الاشارة إلى أنّ إثبات تلك القوى الخمس بالدّليل
وأنّ الحكماء والأطبّاء اختلفوا في ذلك ظاهرا
ثمّ إنّه حيث كانت هذه القوى لبطونها وعدم ظهورها محتاجة إلى الإثبات ، استدلّ كلّ فريق من الحكماء والأطبّاء على وجودها ، ومغايرة بعضها لبعض ، وكذا للحواسّ الظّاهرة بطريق.
فالأطبّاء قد قيل : إنّهم استدلّوا على ذلك بعروض الآفات والأمراض في محالّها ، فلم يثبتوا إلّا ثلاث قوى في الباطن ، في ثلاثة مواضع :
الاولى في التّجويف الأوّل من التّجاويف الثلاثة التي للدّماغ المترتّبة ولاء بين الجبهة والقفاء ، وبعبارة أخرى في البطن الأوّل من البطون الثّلاثة للدّماغ ، ويسمّونها