بالشيء ، لا يدل على العلم بعدم الشيء.
ورابعها : إن كون القدرة قدرة ، لما كانت على هذا الحكم ، وجب أن تكون كل قدرة مانعة من هذا الحكم. وهذا بناء على أن حكم الشيء حكم مثله. وقد بينا ما في هذه المقدمة.
وأما قوله ثانيا : «تلك القدرة إذا كانت مخالفة لهذه القدر ، لم تكن مخالفتها لهذه القدر التي عندنا أشد من مخالفة بعض هذه القدر لبعض. وإذا كانت هذه القدر ، مع مخالفة بعضها لبعض ، لا تصلح لخلق الجسم ، فكذلك تلك القدرة وجب أن لا تصلح لخلق الجسم».
فنقول : هذا أيضا في غاية السقوط. وبيانه من وجوه :
الأول : لا نسلم أن مخالفة تلك القدرة المفروضة ، لهذه القدر ، ليست أشد من مخالفة بعضها لبعض. فإن من الجائز أن يقال : إن هذه القدر ـ وإن كان بعضها يخالف بعضها ـ إلا أنها متشاركة في أنها لا تصلح لخلق الجسم ، أما تلك القدرة المفروضة فهي مخالفة لجملة هذه القدر. من حيث إن تلك القدرة صالحة لخلق الجسم ، وجملة هذه القدر ، لا تصلح لخلق الجسم. وكانت مخالفة هذه القدرة لجملة هذه القدر ، أشد من مخالفة بعض هذه القدر لبعض. فإن ادعيتم أن الأمر ليس كذلك ، فهو عين محل النزاع.
الثاني : [سلمنا (١)] أن مخالفة تلك القدرة لهذه القدر ، ليست أشد من مخالفة بعض هذه القدر لبعض. إلا أن هذه القدر ، لها ماهيات مخصوصة ، ولها أيضا : أن بعضها مخالف لبعض. فعلى هذا : الامتناع ليس [هو (٢)] كون بعضها مخالفا للبعض ، حتى يطرد هذا الحكم في جميع القدر ، التي يخالف بعضها بعضا. بل علة هذا الامتناع : تلك الماهية المخصوصة. ولما كانت تلك الماهية المخصوصة ، غير حاصلة في سائر القدر : سقط ما ذكرتم.
__________________
(١) من (م ، ل).
(٢) من (ط).