والمقدمة الرابعة : وهي أن البنية السليمة ، والمزاج الصحيح ، هو الذي ، لو انضمت إليه داعية الفعل ، ولم يكن هناك مانع ، فإنه يحصل ذلك الفعل. ولو انضمت إليه داعية الترك ، ولم يكن هناك مانع ، فإنه يحصل الترك ، فتكون الأعضاء سليمة.
وهذا (١) التفسير هو المراد من كون الحي قادرا على الفعل.
وإذا عرفت هذه المقدمات. فنقول : إنا إذا تصورنا أمرا. فإن كان ذلك التصور نفعا ، ترتب على ذلك التصور طلب تحصيله. وإن كان ضررا ، ترتب عليه هرب ونفرة. ثم إذا صار ذلك الشيء مطلوب الحصول ، ترتب [عليه (٢)] طلب جازم بإن المفضي إليه لا بد من تحصيله وهذا هو الإجماع [الجازم (٣)] والشوق [التام إلى تحصيل الفعل. ثم إذا حصل هذا الإجماع والشوق (٤)] تحركت الأعضاء.
فههنا مراتب أربعة أقربها إلى الفعل : هو القوة المحركة للأعضاء. وهي التي سميناها بسلامة المزاج ، واعتدال البنية. ويتقدمها : الإجماع الجازم على الفعل. ويتقدمه : الميل اللذيذ أو على الترتيب الذي ذكرناه ، حتى يصدر الفعل عن الحيوان.
أما المرتبة الأولى : وهي القدرة وسلامة الأعضاء. فلا بد منها في حصول الفعل الاختياري. فإن الحس يشهد بإن المريض ، والزمن العاجز ، لا يمكنه لا الفعل ولا الترك الاختياري.
وأما المرتبة الثانية : وهي الإجماع الجازم على حصول الفعل. فهذا أيضا لا بد منه بدليل : أن البنية السليمة ، والمزاج المعتدل ، إذا لم يمل طبعه ، لا إلى
__________________
(١) بهذا (ط).
(٢) من (ل).
(٣) من (ط ، ل).
(٤) من (ط ، ل).