فإذا تكرر ذلك
التحسين طول عمره ، فقد تكرر ذلك الموجب. [وتكرره ] يوجب أن يبلغ ذلك الاعتقاد في القوة ، إلى أقصى الغايات ،
وأبلغ النهايات. فثبت : أن الإلف والعادة يوجبان تأكد العقائد والأخلاق.
السبب الثاني من الأسباب الخارجية : أن
يكون تقرير ذلك المذهب مما
يفيده رئاسة في الدنيا ، وتفوقا على الأقران. فهذا أيضا مما يوجب ميل قلبه إلى تلك
العقائد والأخلاق. وذلك لأن النفوس مجبولة على حب الجاه والمال ، واللذة والسرور ،
وعلى حب كل ما يكون وسيلة إلى حصول هذه الامور. فإذا كان تقرير مذهب من المذاهب
يفيده ذلك [المطلوب ] مال [قلبه ] إلى تقرير ذلك المذهب. وقد عرفت : أن التكرير سبب
للتأكيد. فثبت : أن هذا الذي ذكرناه من جملة الأسباب التي توجب تأكد الاعتقاد في
المذهب المخصوص ، والفعل المخصوص.
السبب الثالث من الأسباب الخارجية : أن
الإنسان إذا مارس صناعة
النظر والاستدلال. فكل من كانت ممارسته لهذه الصناعة أكثر ، كان وقوفه على الحق
أسهل. ثم [إن ] التفاوت يقع في هذا الباب بحسب الكم. فإن بعضهم يكون أكثر
استحضارا للمقدمات. وأما بحسب الكيف فأن يكون انفعال بعضهم من المقدمات الحاضرة ، إلى النتائج
المستحضرة : أسهل. ولما كان التفاوت في هذين البابين ، مما يختلف بالأشد والأضعف ،
والأقل والأكثر ، اختلافا غير مضبوط. لا جرم كان اختلاف الناس في الاستعداد لقبول
المعارف اليقينية ، والأخلاق الفاضلة ، اختلافا غير مضبوط. واعلم : أن هذا السبب
يوجب اختلاف الناس في العقائد من وجه آخر. وذلك لأن صاحب النظر والاستدلال ، قد
ينتج فكره أن القول الفلاني حق صحيح. ولأجل أن ذلك
__________________