وعمر هذه [المدة (١)] مع جهلهما بهذه المسألة؟.
السؤال الثاني : إن صح متن هذا الخبر ، فله تأويلان : أحدهما : إنهما اختلفوا في إطلاق اسم الشر على الآلام والأسقام والمحن فمنعه أبو بكر عن ذلك. لأنه وإن كان مؤلما ، فهو خير للعبد. لما فيه من الأعراض. وأجازه عمر. فبين رسول الله : جواز ذلك ، وأنها وإن كانت مصلحة ، فهي شر بمعنى كونه مؤلما.
الثاني : إن المراد بالقدر : الكتابة. فكان أبو بكر يقول : يقدر الخير دون الشر ، أي أن يكتب الخير في اللوح المحفوظ ، ولا يكتب الشر. وعمر كان يقول يكتبهما.
فأما قوله : «لو شاء الله أن لا يعصى لم يخلق إبليس» فنقول : هذا ضعيف. لأنه عند المجبرة : وجود إبليس وعدمه سواء. فإن ثبت هذا الكلام ، فمعناه : لو شاء الله أن لا يخلق من يعصيه ، لما خلق إبليس. وهو رأس العصاة. فأشار إلى أنه تعالى كما يخلق من يعلم أنه يؤمن ، كذلك يخلق من يعلم أنه يكفر وإنما يأتي المكلف بالكفر والايمان من قبل نفسه لا من قبل ربه. ويحتمل أيضا : أنه لو شاء أن يمتنع من المعصية جبرا ، أو قسرا ، لما خلق إبليس ، مع علمه بأنه رأس الكفر. ولكنه تعالى أراد أن يؤمن العبد باختياره ليستحق الثواب. والله اعلم.
والجواب عن جميع هذه الأسئلة : إنا لا نطلب من التمسك بهذا الخبر ، إلا الظن القوي. ولا شك أن كل ما ذكرتموه ، وجوه مرجوحة ضعيفة. فهي لا تقدح في الظن.
الحجة الثالثة والعشرون : ما رواه البخاري في صحيحه بإسناده عن عمران ابن حصين. قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم ، فعلقت ناقتي ، ودخلت. فأتاه نفر من بني تميم. فقال : «أقبلوا البشرى يا بني تميم» فقالوا : بشرتنا ، فأعطنا. فجاءه نفر من أهل اليمن ، إذ لم يقبلها إخوانكم بني تميم» فقالوا :
__________________
(١) من (م ، ل).