الجواز (١) أينما كان ، حصول الحاجة ، أينما كانت وهو المطلوب.
(وأما إن قلنا : إن الجواز إنما يحوج إلى المقتضى بشرط أن لا يفضي إلى محذور ومفسدة) (٢) فنقول : هذا باطل لأن أقصى ما في الباب أن نعلم أنه لا يلزم منه المفسدة الفلانية ، والفلانية. فأما أن نعلم أنه لا يلزم منه شيء من المفاسد أصلا ، فذلك مما لا سبيل إليه ، إلا إذا قلنا : إن عدم علمنا بالشيء يوجب علمنا بعدم ذلك الشيء ، إلا أن هذه المقدمة (في غاية الضعف ، وإن وقفنا كون الجواز علة للحاجة إلى المرجح على هذه المقدمة) (٣) لزم بطلان هذا الأصل بالكلية ، فعلمنا أن كون الجواز علة للحاجة لا يعتبر فيه هذا القيد أصلا ، بل وجب الحكم عليه : إما بأنه لا يحوج إلى المؤثر البتة ، أو بأنه يحوج إلى المؤثر على الإطلاق. والله أعلم (٤).
الحجة الرابعة : على أن الفعل بدون الداعي محال.
أن نقول : لو كان مجرد كون القادر قادرا ، كافيا في حصول الفعل ، لامتنع أن يحصل للداعي أثر في الترجيح في شيء من المواضع. وهذا باطل. فذاك باطل. بيان الملازمة : أن الوصف إذا كان مستقلا باقتضاء الأثر ، فإذا انضم إليه شيء آخر ، فقد انضم هذا الزائد إلى شيء كان في نفسه مستقلا باقتضاء الأثر ، وإذا كان كذلك ، فقد وقع الأثر بذلك المستقل ولا يبقى لهذا الزائد فيه أثر البتة ، لأن الشيء الواحد ، لا يكون واجبا لذاته ولغيره معا. ومثاله : أنه لما كان ثقل الحجر مستقلا باقتضاء الهوى. لا جرم لم يبق لكون الحجر أسود ، أو أبيض ، أثر في اقتضاء ذلك النزول ، فكذا هاهنا ، لو كان مجرد كونه قادرا مستقلا باقتضاء الفعل لامتنع أن يحصل للداعية المنضمة إلى القادرية أثر في اقتضاء الفعل ، فيثبت بما ذكرنا أن القادرية لو كانت مستقلة
__________________
(١) الجواز (س).
(٢) من (م).
(٣) من (س).
(٤) من (م).