أن لا يصير مانعا ، وحينئذ يبقى من غير جواب. (والله أعلم) (١).
الحجة السادسة : لو كانت أفعال الله واقعة على وفق المصالح ، لكان من الواجب إبقاء الأنبياء والأولياء والصالحين. وإماتة الأبالسة والشياطين ، لكن الأمر بالعكس منه ، فعلمنا أن أفعال الله غير واقعة على وفق المصالح. أما بيان الشرطية ، فهو أن من أراد شيئا أراد لا محالة تحصيل ما يتممه ويكمله. وإبطال ما ينقصه ويهدمه. ومعلوم أن الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ والأولياء الصالحين إذا كانوا في الحياة ، فإنهم يرغبون الناس في الطاعات ويخوفونهم عن الوقوع في المحرمات. فحينئذ يكون حصول الطاعات أكمل ، والبعد عن المحرمات أتم. وإنما قلنا : إنه ليس الأمر كذلك ، لأنه تعالى ما أبقى أحدا من الأولياء والأنبياء بل أماتهم وأفناهم. ثم إنه تعالى أبقى إبليس إلى آخر وقت التكليف ، وسلطه على الخلق بالإغواء والضلال والوسوسة. وذلك يدل على أنه تعالى لا يراعي مصالح العباد في تدبير هذا العالم.
قالت المعتزلة : لنا هاهنا جوابان.
الأول : جواب أبي علي الجبائي. وهو أنه قال : إنه تعالى إنما أبقى إبليس لأنه تعالى علم أن هؤلاء الذين يكفرون ويفسقون كانوا يفعلون ذلك ، سواء بقي إبليس أو لم يبق. وعلى هذا التقدير فإنه لم يحصل من إبقاء إبليس مفسدة زائدة ، فلهذا السبب حسن من الله تعالى إبقاءه.
والثاني : جواب أبي هاشم : فإنه سلم أنه يحصل بسبب وسوسة إبليس مزيد رغبة للكفار والفساق في الإقدام على الكفر والفسق. إلا أن تلك الوسوسة ؛ وإن أثرت في الترغيب ، إلا أنها لا تلجئ الفاعل إلى الفعل ، فلأجل هذه الوسوسة يحصل أن الإتيان بالطاعة أكثر ثوابا ولهذا السبب حسن من الله تعالى تسليط الشياطين على بني آدم (والله أعلم) (٢).
__________________
(١) من (م).
(٢) من (م).