معزولا في هذا الحكم. بيان الملازمة : أنه تعالى إذا قال لعبده إن فعلت الفعل الفلاني أو تركت الفعل الفلاني عاقبتك ، فللعبد أن يقول : يا إله العالمين. أتعذبني لأجل منفعة تعود إليك؟ أو إلى ، أو إلى ثالث. فإن عذبتني على الفعل الفلاني أو على الترك الفلاني ، لنفع يعود إليك فأنت محتاج وطالب لجرّ المنفعة ولدفع المضرة. وهذا محال. وأيضا : هب أنك محتاج ولكن من البعيد أن تكون في الحاجة والفقر إلى حيث تنتفع بالأعمال الحقيرة التي آتى بها في الصلاة أو في غيرها. (هذا هو القسم الأول) (١).
وأما القسم الثاني : وهو أنك تعذبني على فعل كذا ، أو على ترك كذا. لأجل أن ذلك الفعل أو ذلك الترك اقتضى فوت بعض المنافع عني. فهذا متناقض. لأن حاصل الكلام يصير إلى أنه يقال للعبد : ما كان لي غرض في أمرك بالفعل الفلاني ، وفي نهيك عن الفعل الفلاني. إلا أن يحصل لك منه نفع ، أو يندفع عنك بسببه ضرر ، فلما لم تسع في تحصيل ذلك النفع لنفسك ، فأنا أعذبك أبد الآباد ، لأجل أنك قصرت في تحصيل ذلك النفع لنفسك. وهذا متناقض لأن المقصود من السعي في حمله على تحصيل ذلك النفع لنفسه أن ينتفع به. وأهم المهمات له : اندفاع الضرر ، فاتصال الضرر العظيم إليه حملا له على أن يسعى في تحصيل النفع لنفسه. كلام متناقض. ومثاله : أن يقول الرجل لعبده : اجتهد في تحصيل دينار لنفسك ، لأجل أن يعود نفع ذلك الدينار إليك. فإن لم تفعل ذلك فإني أقطع أعضاءك بمقاريض من النار ، لأجل أنك قصرت في تحصيل ذلك الدينار لنفسك. ومعلوم أن هذا الكلام في غاية الفساد ، وأيضا : فلا نزاع في أنه يحسن من الله تعالى أن يتفضل بأنواع المنافع إنما الذي يتوقف حصوله على التكليف استحقاق التعظيم ، ولا شك أن حصول هذا الاستحقاق من الأمور التي ليست من المهمات الأصلية ، ولا من الحاجات الضرورية ، فإذا قصر العبد في التكاليف فحينئذ يفوته هذا الاستحقاق ،
__________________
(١) زيادة.