ذلك ، ولو كانوا صادقين (في ذلك) (١) لكان ذمهم عليه باطلا فاسدا.
الحجة الرابعة : إنه تعالى إنما أنزل قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٢) إلى قوله : (لا يُؤْمِنُونَ) وإنما أنزل قوله : (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣) ذمّا لهم ، وزجرا لهم عن الكفر ، وتقبيحا لفعلهم ، فلو كانوا ممنوعين عن الإيمان لما استحقوا الذم ، بل كانوا معذورين ، كما يكون الأعمى معذورا في أن لا يرى ، والزمن في أن لا يمشي.
الحجة الخامسة : إن القرآن إنما ليكون حجة لله ولرسوله على الكفار ، لا ليكون حجة للكفار في إبطال النبوة والتكليف ، فلو كان العلم والخبر مانعا ، لكان لهم أن يقولوا : فلم أقررت بأن الله علم الكفر وأخبر عن كوننا كافرين ، وهذا العلم والخبر من أقوى الموانع؟ فلم يطلب المحال منا؟ ولم يأمرنا (بالمحال) (٤) ومعلوم أنه لو كان العلم والخبر مانعا ، لكان هذا الكلام لا جواب لله ولا للرسول عنه.
الحجة السادسة : إنه تعالى قال : (نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (٥) ولو كان مع كون الإيمان محال الوجود ، وكلفهم به ، ويعذبهم على تركه ، لم يكن نعم المولى ونعم النصير. بل كان بئس المولى وبئس النصير.
الحجة السابعة : قالوا : إنه تعالى قال : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ؟ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) (٦) فلو كان العلم والخبر مانعا ، لكان لهم أن يجيبوا عن هذا السؤال من ستة عشر وجها.
وذلك لأن مذهب الجبرية أنه تعالى خلق الكفر فيهم وأراده منهم ،
__________________
(١) على (س).
(٢) البقرة (٦).
(٣) يس (٧).
(٤) من (س).
(٥) الأنفال (٤٠).
(٦) البقرة (٢٨).