الحاجات وبهذه الشهوات (فلو كان (١) إيجاد الله تعالى لذوات هذه الحيوانات مستلزما لحصول هذه الحاجات والشهوات) (٢) لكان الإيجاد والتكوين إضرارا من هذا الوجه ، لكنا بينا : أن النعمة مقدرة بمقدار هذه المضرة ، وحينئذ يعود الإلزام المذكور.
(الوجه الثالث : أن نقول : حصول هذه الحاجات وهذه الشهوات إما أن يكون من لوازم وجود الحيوان أو لا يكون. فإن كان الأول كان إيجاد الحيوان ، إيجاد لشيء يلزمه (منه) (٣) حصول هذا الضرر ، فكان الإيجاد : أضرارا. وحينئذ يتم الكلام المذكور ، وإن كان الثاني فحينئذ يكون حصول الحاجة والشهوة في الذات ليس إلا لأجل أن خالق العالم أوجدها فيه ، وحينئذ يعود الكلام المذكور. أما قوله) (٤) لم لا يجوز أن يقال : إنه تعالى ، وإن كان هو الذي أحوج ، إلا أنه أعطى فوق قدر الحاجة؟
فالجواب : أن هذا باطل. لأن ذلك القدر الزائد. هل إليه شهوة؟ وهل له في حصوله رغبة؟ أو ليس كذلك. فإن كان الأول فحينئذ قد كان المنعم عليه محتاجا (إلى حصول تلك الزيادة كما كان محتاجا إلى حصول ذلك الأصل. ولما كان محتاجا) (٥) إلى الأصل وإلى الزيادة معا ، فحينئذ يعود الأمر إلى أن النعمة إنما حصلت بقدر المضرة السالفة. وإن كان الثاني وهو أن (٦) لا يكون للمنعم عليه حاجة إلى وجدان تلك الزيادة ، ولا يكون (٧) له شهوة إلى حصول تلك الزيادة فنقول : الشيء الذي لا يكون محتاجا إليه ، ولا يكون بتعلق الشهوة والرغبة ، امتنع أن يكون وجدانه سببا لحصول اللذة والمنفعة ، وإذا كان
__________________
(١) فيكون إيجاد [الأصل].
(٢) من (م).
(٣) زيادة.
(٤) الإلزام المذكور ... لم لا يجوز (م ، ت).
(٥) من (م).
(٦) أن لا يكون (م).
(٧) ولا يكون (م).