لأن كل متحيز فهو منقسم بالقسمة المقدارية (ومنقسم أيضا بالقسمة العقلية ، لأنه يشارك سائر المتحيزات في عموم كونه متحيزا) (١) ويخالفها بخصوصيته ، فيحصل التركيب في ذاته ، وإذا لم يكن متحيزا ، فليس في الجهة.
النوع الثالث من لوازم القيومية : أن لا يكون في محل ، لا عرضا في موضع ، ولا صورة في مادة ، لأن الحال مفتقر إلى المحل ، والمفتقر لا يكون قيوما.
النوع الرابع من لوازم القيومية : قال بعضهم : لا معنى للعلم إلا حضور حقيقة المعلوم عند العالم ، فإذا كان قائما بنفسه كانت حقيقته حاصلة له ، لا للغير ، فكان عالما بذاته ثم ذاته علة لغيره ، فيلزم من علمه بذاته علمه بغيره إلى آخر المراتب. فعلى هذا يلزم من قيوميته كونه عالما بجميع المعلومات.
النوع الخامس من لوازم قيوميته : أن القائلين بالحدوث ، قالوا : لما كان مقوما لوجود كل ما سواه ، كان كل ما سواه محدثا ، لأن تأثيره في تكوين ذلك الغير يمتنع أن يكون حال بقائه ، لأن تحصيل الحاصل محال ، فهو إما حال وجوده ، أو حال عدمه. وعلى التقديرين فيلزم أن يكون كل ما سواه محدثا.
النوع السادس من لوازم القيومية : أنه لما كان قيوما لكل الممكنات ، استندت كل الممكنات إليه ، إما بواسطة أو بغير واسطة ، وعلى التقديرين كان القول بالقضاء والقدر لازما. فظهر بما ذكرنا : أن قولنا : (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) محيط بجميع المباحث العالية المعتبرة في الإلهيات.
إذا عرفت هذا. فالقيوم من حيث إنه يدل على استغنائه عن الغير وقيامه بذاته كان من باب السلوب ، ومن حيث إنه يدل على كونه مقوما لغيره ، كان من باب الإضافات ، وعن ابن عباس أنه كان يقول : «أعظم أسماء الله تعالى الحي القيوم» واعلم أن من عرف أنه سبحانه هو القائم والقيم والقيوم ، انقطع قلبه عن الخلق بالكلية. وقال أبو يزيد البسطامي رضوان الله عليه : «حسبك
__________________
(١) من (م).