المعين ، لكان السؤال) (١) المذكور باقيا ، وكل سؤال يبقى على كل التقديرات ، فإنه ساقط.
والثاني : إنهم قالوا : القادر المختار يمكنه ترجيح أحد المثلين على الآخر من غير مرجح. إذا عرفت هذا ، فنقول : أجسام العالم يمكن تركيبها وتأليفها على وجوه كثيرة مختلفة، غير متناهية. وأحد تلك الوجوه هو هذا الوجه الواقع ، والفاعل القادر كان قادرا على هذا الوجه ، وعلى سائر الوجوه ، إلا أن القادر يمكنه ترجيح أحد المثلين على الآخر ، لا لمرجح أصلا ، فصدر عن القادر ، هذا الوجه المعين دون سائر الوجوه ، بمجرد كونه قادرا. فإن مذهبكم : أن القادر (المختار يمكنه ترجيح أحد المثلين على الآخر ، لا لمرجح ، أو نقول : إن القادر) (٢) لما كان قادرا على هذا الوجه ، وعلى سائر الوجوه ، لم يجز أن يقال : ولم وقع هذا الوجه على هذا الوجه دون سائر الوجوه؟ لأن هذا السؤال عائد على كل التقديرات ، فكان ساقطا ، وإذا ثبت هذا ظهر حينئذ أن مجرد كون الفاعل قادرا كان (٣) في وقوع هذه الأشياء على هذه الأحوال المخصوصة.
وحاصل الكلام : إن كل شخص من أشخاص الناس مخصوص بمقدار معين ، مع أنه كان يمكن وقوعه أعظم مما وقع عليه الآن ، أو أصغر مما وقع عليه الآن. ولذلك اختص بكون معين ، وخلقة معينة ، وطبيعية معينة ، مع أن سائر الصور والأحوال كانت جائزة عليه. فإذا قلنا : ولم وقع هذا الوجه المعين دون سائر الوجوه الجائزة؟ لم يكن لنا عنه جواب، إلا أن نقول : القادر بمجرد كونه قادرا يمكنه (إيقاع الشيء على صفة خاصة ، مع جواز سائر الصفات ؛ لأن خاصية القادر المختار) (٤) ترجيح المثلين على الآخر ، لا لمرجح فإذا جوزنا هذا. فلم لا يجوز أيضا أن يقال أن القادر المختار يمكنه إيقاع هذه
__________________
(١) من (م).
(٢) من (س).
(٣) كان (س).
(٤) من (م).