فأقول :
إذا كان هذا الرجل مجمعاً على تركه ومتّهماً بالكذب والرفض ، فكيف روى عنه الجماعة وحتى بعض أصحاب الصحاح؟!
الواقع : إنهم كانوا يعتمدون عليه في التفسير ، فقد ذكر ابن حجر عن ابن عدي : «حدّث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير» ولذا روى عنه الترمذي وابن ماجة في التفسير كما عرفت ، ولم يكونوا يعتمدون عليه في الحديث ، كما عرفت من عبارة ابن سعد حيث قال : «في روايته ضعيف جداً» ، بل إنّ مثل عطيّة الذي لازم جماعةً من كبار الصحابة وروى عنهم في غنىً عن الرواية عن الكلبي.
لكنّهم حيث كانوا يأخذون منه التفسير كانوا يحاولون التستّر على ذلك ... لأنّه كان يفسّر الآي ويذكر الأقوام الذين نزلت فيهم بأعيانهم ـ ولعلّه لذا رمي بالكذب والرفض ـ وكذلك كان عطيّة ، فإنّه كان يكنّيه لئلّا يعرف الرجل فتلاحقه السلطات ، لا لغرض التدليس والتلبيس ...
ويشهد بذلك كلام قاضي القضاة ابن خلكان بترجمة الكلبي : «روى عنه سفيان الثوري ومحمّد بن اسحاق ، وكانا يقولان : حدّثنا أبو النصر ، حتى لا يعرف» (١). فلو كان ما يفعله عطيّة مضراً بوثاقته لتوجّه ذلك بالنسبة إلى سفيان وابن إسحاق ...
بل لَتَوَجّه الطعن في البخاري وكتابه المشهور بالصحيح ، فإنّه كان يروي عن «محمّد بن يحيى الذهلي» ـ الذي طرد البخاري من نيسابور ، وكتب إلى
__________________
(١) وفيات الأعيان ٣ / ٤٣٦.