محمد العلوي من ولد الأفطس ـ وكان من عباد الله الصالحين ـ قال : حدّثنا محمد بن خالد الطيالسي قال : حدثني سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعا ، عن قيس بن سمعان ، عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام أنه قال : «حجّ رسول الله صلىاللهعليهوآله من المدينة وقد بلغ جميع الشرائع قومه غير الحج والولاية ، فأتاه جبرائيل عليهالسلام فقال له : يا محمد إن الله جل اسمه يقرئك السلام ويقول لك : إني لم أقبض نبيّا من انبيائي ولا رسولا من رسولي إلا بعد اكمال ديني وتأكيد حجتي، وقد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغها قومك : فريضة الحجّ وفريضة الولاية والخلافة من بعدك ، فاني لم أخل ارضي من حجّة ، ولن أخليها أبدا ، فإن الله جل ثناؤه يأمرك أن تبلغ قومك الحج ، وتحج ويحج معك كل من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب ، وتعلمهم من معالم حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم ، وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرائع.
فنادى منادي رسول الله صلىاللهعليهوآله في الناس ألا إن رسول الله صلىاللهعليهوآله يريد الحج ، وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم ، ويوقفكم من ذلك على ما اوقفكم عليه من غيره ، فخرجصلىاللهعليهوآله وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله فحجّ بهم وبلغ من حجّ مع رسول الله من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف انسان أو يزيدون على عدد أصحاب موسى السبعين الألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون فنكثوا واتبعوا العجل والسامري ، وكذلك أخذ رسول اللهصلىاللهعليهوآله البيعة لعلي عليهالسلام بالخلافة على عدد اصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل (١) سنّة بسنّة ومثلا بمثل واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة.
فلمّا وقف بالموقف أتاه جبرائيل عليهالسلام عن الله تعالى فقال : يا محمد إن الله عزوجل يقرئك السلام ويقول لك : إنه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بدّ منه ولا عنه محيص ، فاعهد عهدك ونفذ وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء ، فسلمها إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب فأقمه للناس وجدد عهده وميثاقه وبيعته ، وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به ، وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب ، فاني لم اقبض نبيّا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني وإتمام نعمتي على خلقي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي ، وذلك كمال توحيدي
__________________
(١) في المصدر : العجل والسامري.