فقد غابَ النبيُّ موسى الكليمُ عليهالسلام عن أُمّته أربعين يوماً ، وقضى كلَّ هذه المدة في الميقات (١).
وغاب السيدُ المسيح عليهالسلام بمشيئة الله عن أنظار أُمّته ، فلم يقدر أعداؤُه على قَتْله ، والقضاء عليه (٢).
وغاب النبيُّ يونس عليهالسلام عن قومه مدّةً من الزَمان (٣).
إذن فليست غيبةُ الإمام المهدي عليهالسلام عن أنظار الناس بدعاً من الأَمر كما لا يصحّ أن تَقَعَ هذه الغَيبة مهما طالت ذريعةً لإنكار أصل وجودِ المهديّ عليهالسلام.
وأساساً إنّ كلَّ ما يثبُتُ عن طريق النقل المتواتر ، ولكن لا يقدر الإنسان على التحقّق منه ، ومشاهدته لا يجوز له أن ينكره أو يتردّد في القبول به ما دام رُوِيَ ونُقِلَ بالتّواتر الموجب للاطمئنان ، لأنّ قِسماً من الأحكام الإلهيّة التي هي من مسلّمات الدين الإسلاميّ وضروريّاته سيتعرَّض للتردِيد والإنكار إذا تجاهَلْنا هذه القاعدةَ العقلائيةَ الصائبةَ ، وهذا الأمر العرفي المعقول جداً.
وغيبةُ الإمام المهديّ عجل الله فرجَه الشريف ليس بمستثنىً من هذه القاعدة ، وعَدَم الاطلاع على سِرّها أو أسرارها الحقيقية لا يجوزُ الترديدُ فيها ، وإنكارُها.
__________________
(١). لاحظ الأعراف / ١٤٢.
(٢). لاحظ النساء / ١٥٨.
(٣). لاحظ الصافات / ١٤٠.