الأصل التاسع بعد المائة : تفسير المعاد بالتناسخ وردّه
لقَد اتّضحَ ممّا سبق أَنّ حقيقةَ المَعاد هي أنّ الرُّوح بعد مفارَقَتها للجَسَد تعودُ مرة أُخرى ـ وبإذن الله ومشيئته ـ إلى نفسِ البدنِ الذي عاشت به ليلقى الإنسانُ جزاءَ ما عَمِلَهُ في الدنيا ، في العالم الآخر ، إنْ خيراً فخيرٌ ، وإنْ شراً فشرّ.
ولكن ثمَّتَ من يُنكر «المعاد» الذي دَعَت الشرائعُ السماويةُ إلى الإيمان بهِ ، وإن أقرّوا بمسألةِ الثوابِ والعقابِ ، الذي يلحق أعمال البَشَر ، إلّا أنّهم فسروه عن طريقِ «التناسخ».
إنّهم ادّعَوا أنّ الرُّوح تعودُ مرّةً أُخرى إلى العالم الدنيوي عن طريق تعلّقِها بالجنين ، وعبْر طيّ مراحلِ الرّشد والنموّ ، ويطوي دورات الطفولة ، والشباب ، والشيخوخة ، غاية ما في الأمر ، يحظى أصحاب الأعمال الصالحة بحياة لذيذةٍ جميلةٍ ، بينما يعاني أصحاب الأعمال الفاسدة من حياةٍ مُرّةٍ وقاسيةٍ. فهي إذن ولادةٌ جديدةٌ ، تتبعُها حياةٌ سعيدةٌ أو تعيسةٌ.
ولقد كانَ لعقيدة التناسخ هذه على طول التاريخ البشريّ أنصار ومؤيّدون ، وتُعَدُّ إحدى أُصول الديانة الهندوسية.
ويجب أن نَنتبه إلى هذه النقطة ، وهي أنّ النفوسَ والأرواح البشرية إذا سَلكتْ طريقَ التناسخ بصورة دائميةٍ لم يبق مجالٌ للمعاد والقيامة ، والحال أنّ الاعتقاد بالمعاد أمرٌ ضروري وبديهيٌ في ضوءِ أدلّته وبراهينه