عن حقيقة ، هي أنّ على الله ـ لكونه حكيماً ـ أنّ يختارَ للنبوّة من يكون عارياً ومنزَّهاً عن مِثل هذه العيوب. (١)
الأصلُ السادسُ والستُّون : دراسة الآيات الدالة على عدم العصمة
لقد عرفنا بِحُكمِ العقل القطعيّ ، وقضاء القرآنِ الصَّريح عصمة الأنبياء ، ولكن ثمّة في هذا الصعيد بضع آيات تحكي ـ في بدو النظر ـ عن صُدُور الذنب والمعصية عنهم (مثل الآيات الواردة حول النبي آدم وغيره) فما هو الحلّ في هذه الآيات؟
في البداية يجب أنّ نقول : إنّ من المُسَلَّم أنّه حيث لا تناقض في القرآن الكريم أبداً ، وجب أنْ نهتدي في ضوءِ القرائن الموجودة في نفس الآيات إلى المراد الحقيقي فيها.
__________________
(١). إنّ حكمَ العقل في هذا المجال حكمٌ قَطعيٌّ ، ولهذا فإنّ بعضَ الروايات التي وَرَدت حول النبي أيوب وهي تحكي عن ابتلائه بأمراض منفِّرة ، مضافاً إلى كونها مخالفةً للحكمِ القَطعيِّ للعقل تنافي الرواياتِ المعارضة التي وَرَدَت عن أهل البيت في هذا المجال.
فقد قال الإمامُ الصادق عليهالسلام : «إنَّ أيوب مع جميع ما ابتُلي به لم تنتنْ له رائحةٌ ، ولا قَبُحَتْ له صورةٌ ، ولا خرجَتْ منه مِدّةٌ من دَمٍ ، ولا قيحٍ ، ولا استَقْذرَهُ أحَدٌ رآه ، ولا استوحش منه أحدٌ شاهدَه ولا دوّد شيءٌ من جَسَدهِ ، وهكذا يصنعُ الله عزوجل بجميع من يبتليه من أنبيائه ، وأوليائه المكرَّمين عليه ، وإنما اجتنَبَهُ الناسُ لِفَقره ، وضَعْفِهِ في ظاهِرِ أمرهِ ، لجَهْلهم بما لَهُ عند ربّه تعالى ذكْرُهُ ، من التأييد والفَرَج».
(الخصال ج ١ ، أبواب السبعة ، الحديث ١٠٧) ولهذا فإنّ الروايةَ المخالفةَ لهذا الموضوع ، لا أساس لها من الصحة فهي مرفوضة.