لقالوا : لا نعلم فهذا الإجماع غير مفيد للعلم لا بحجيّة أحد الخصوصيّات ولا بحجيّة أصل الخبر في الجملة ، وإن كانوا أجابوا بوجود خبر كان حجّة فكان في ما بينهم من المسلّم حجيّة خبر واحد واختلفوا في خصوصيّاته ، فحينئذ إجماعهم نافع ، للعلم بحجيّة خبر الواحد في الجملة ، ولكن دون إثبات كون إجماعهم من القبيل الثاني خرط القتاد.
وأمّا التمسّك بالسيرة فإنّما ينفع لو احرز أنّ بناء المسلمين من حيث هم مسلمون ومتديّنون على العمل بالخبر الموثوق به ، وأمّا لو لم يحرز ذلك واحتمل ذلك واحتمل أنّه لأجل كونهم عقلاء فلا يبقى الكشف الحاصل بالسيرة ، نعم يصير دليلا من باب البناء فيرجع إلى رابع الوجوه.
وكيف كان فالتمسّك بالسيرة على وجه لم يرجع إلى التمسّك ببناء العقلاء غير وجيه، نعم لو أمكن تحصيل القطع بالإجماع على أحد المعنيين أعني الحجيّة المطلقة أو المقيّدة بحال الانسداد على وجه كشف عن قول المعصوم بأن علم عدم استناد المجمعين إلى هذه الوجوه كان هذا الإجماع نافعا بحالنا.
ولا يتوهّم عدم نفعه لأجل أنّه على تقدير عدمه كان الحجيّة ثابتة بدليل الانسداد ، وذلك لظهور الثمرة بين إثبات الحجيّة بالإجماع وبين إثباته بدليل الانسداد في أمرين ، الأوّل : أنّه لو أثبتنا الحجيّة بنتيجة دليل الانسداد فاللازم الاقتصار على الظنّ الفعلي ، فيدور الأمر مدار إفادة الخبر الظنّ الفعلي وعدمها ، فإن أفاد كان حجّة وإلّا فلا ، وأمّا على إثباته بالإجماع فالخبر في نفسه حجّة سواء أفاد الظنّ فعلا أم لا.
والثاني : أنّه لو قلنا بالحجيّة بنتيجة دليل الانسداد ورد إشكال التبعيض في الاحتياط الذي نبّه عليه شيخنا المرتضى ، بمعنى أنّه لا يفيد المقدّمات الاقتصار على المظنونات وإجراء البراءة في المشكوكات والموهومات ، بل قضيّتها هو العمل بالمشكوكات أو ببعضها أيضا إذا لم يوجب الوقوع في الحرج والعسر ، بل و