المتأخّرة حينئذ وإن كان يوجب زيادة زمان النجاسة ، إلّا أنّه لا يجري في هذه الأزمنة إلّا بعد صحّة جريانه في أوائل أزمنة الشكّ ، فننقل الكلام في الدقيقة الاولى من ازمنته.
فنقول : هنا ثلاث دقائق ، فالوسطى منها نقطع فيها بالنجاسة وطرفاها زمان الشكّ، والمتيقّن تحقّق النجاسة في دقيقتين ونشكّ في أنّ حدوثها في الدقيقة الاولى وبقائها وانتهائها في الوسطى ، أو أنّ حدوثها في الوسطى وبقائها في الأخيرة؟.
فاستصحاب النجاسة في الدقيقة الأخيرة معيّن لمبدا الحدوث في الوسطى وزمان البقاء في الأخيرة من دون أن يزيد أو ينقص بذلك زمان النجاسة ، وهذا الكلام جار أيضا في استصحاب النجاسة في الصورة الثالثة ، أعني ما إذا كان كلّ من الماءين قليلا وكافيا للتطهير والوضوء.
مثلا لو فرضنا كون النجاسة حينئذ بعد التطهير بالماء الأوّل مردّدة بين التحقّق في ثلاث دقائق أو ساعات كثيرة فننقل الكلام في الدقيقة الاولى من أزمنة الشكّ ونقول : هنا أربع دقائق نقطع في ثالثتها بالنجاسة ونشكّ في أوّليهما وهما دقيقتا التطهير والوضوء بالماء الثاني واخيرتهما وهي ما بعد الغسلة الثانية بالماء الأوّل مع العلم بتحقّق النجاسة في دقيقتين، فاستصحاب النجاسة في الأخيرة معيّن لها بين الدقيقتين في الثالثة والأخيرة.
الأمر الثالث : ومن جملة ما تمسّك به المجوّزون باب الأسباب ؛ فإنّ الغسل الواحد مثلا يكفي للجنابة والجمعة ، مع أنّ الأوّل سبب للوجوب والثاني للاستحباب ، وكذا الكلام في منزوحات البئر ؛ فإنّ وقوع الكلب سبب لوجوب نزح الأربعين ، وكذا وقوع الهرّة ، فإذا وقع كلبان أو كلب وهرّة وجب أربعين واحد ، فيجتمع في نزحها وجوبان ، فيعلم من ذلك أنّ تعدّد الجهة كاف في جواز اجتماع حكمين متضادّين أو متماثلين في شيء واحد.
أقول : الكلام في باب الأسباب يقع في مقامين :
أحدهما أنّ مقتضى القاعدة هل هو كفاية الفعل الواحد لسببين أو أسباب ، أو