ثمّ الجواب عن لزوم اللغويّة في إيجاب الفرد الغير المفيد للعلم من الكتمان هو الجواب منه في الآية المتقدّمة حرفا بحرف.
ومن جملة الآيات آية السؤال عن أهل الذكر وهي آيتان ، إحداهما في سورة النحل وهي قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ).
والاخرى في سورة الأنبياء وهي قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
وجه الاستدلال نحو ما تقدّم من أنّ وجوب السؤال ملازم لوجوب القبول ، وإلّا يلزم اللغويّة ، ثمّ بضميمة عدم القول بالفصل يثبت المدّعى في جميع الأخبار ممّا كان مسبوقا بالسؤال وما كان كلاما ابتدائيّا.
وفيه أمّا أوّلا : فلأنّ ظاهر هذا الكلام وجوب تحصيل العلم كما يقال عرفا : إن كنت جاهلا فاسئل من العالم يعني لتصير عالما ، فمعنى الآية والله العالم : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون لتعلموا ، فليس في مقام الحكم بالتعبّد بالجواب حتى يقال : إنّ العلم طريقي ، والظنّ بعد التعبّد يقوم مقام العلم الطريقي ويكون علما ، بل يكون في مقام الإرشاد إلى علاج رفع الجهل وجدانا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ظاهر سياق الآية كما يظهر من ملاحظة الصدر هو السؤال عن علماء أهل الكتاب عن أحوال أنبياء السلف ، فلا يشمل الرواة ، ومن هنا يظهر وجه آخر لعدم كون الآية في مقام التعبّد ؛ فإنّ موردها مسألة اعتقاديّة متعلّقة بمعرفة الأنبياء ، ولا شكّ في عدم التعبّد في العقائد ولزوم تحصيل العلم فيها.
وأمّا ثالثا : فمع الغضّ عن ذلك فقد ورد في الأخبار أنّ المراد بأهل الذكر هم الأئمّةعليهمالسلام إمّا لكون هذا الكلام جملة مستقلّة وعدم كونها تتمّة للمطلب السابق وإن كان خلاف ظاهر «الفاء» التفريعيّة ، وإمّا على وجه التأويل.
وحينئذ فإن كانت هذه الأخبار متواترة فلا ربط للآية بما نحن فيه ، وإن كانت