فتحصّل أنّ التمسّك بأصالة عدم القرينة لإثبات الوضع مع معلوميّة المراد غير جائز وإن قلنا بجواز التمسّك بأصالة عدم التخصيص لإثبات خروج الموضوع عن تحت العام مع معلوميّة حكمه مخالفا لحكم العام.
ثمّ إنّ في الكفاية في مقام ذكر حجج المانعين عن التمسّك بظاهر الكتاب ذكر وجوها خمسة :
الأوّل : أنّ فهم القرآن مختص بأهله ومن خوطب به ، كما يشهد به ما ورد في ردع أبي حنيفة وقتادة عن الفتوى.
والثاني : أنّ القرآن مشتمل على مطالب عالية لا تصل إليها أيدي اولى الأفهام ، كيف ولا يصل إلى فهم كلام مثل امرئ القيس وابن سينا إلّا الأوحدي من الأفاضل ، فما ظنّك بكلامه تعالى مع اشتماله على علم ما كان وما يكون وحكم كلّ شيء ، والفرق بين الوجهين بعد اشتراكهما في عدم فهمنا لمطالب القرآن وعدم معرفتنا بها أنّ الأوّل يكون بالخبر والتعبّد ، والثاني بالوجدان ، وهذا الوجه لم نذكره نحن لوضوح الجواب منها ، فإنّا نسلّم على اشتمال القرآن على البطون وبطون البطون ، لكن أين هذا من ظواهر مثل آية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فلا يدّل هذا إلّا على عدم جواز الأخذ بما لم يظهر معناه.
والثالث : أنّ المتشابه ممنوع عن اتّباعه وهو شامل للظواهر ، ولا أقلّ من احتمال شموله له بأن يكون ما نزعمه ظاهرا من قبيل الرموزات والإشارات التي لا يلتفتها إلّا من خوطب بالقرآن ويكون كما قيل بالفارسيّة.
ميان عاشق ومعشوق رمزى است |
|
نداند آنكه اشتر مى چراند |
مثلا كان الياء في (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إشارة إلى مطالب عالية و «أيّها» إلى مطالب أخر وهكذا.
والرابع : أنّ ظواهر القرآن وإن لم يكن من قبيل المتشابه ذاتا ، إلّا أنّها صارت منه عرضا للعلم الإجمالي بطروّ التخصيص والتقييد والتجوّز في كثير من ظواهره.
والخامس : الأخبار الناهية عن تفسير القرآن بالرأي لشمولها لحمل الكلام