كما أنّه من الممكن أيضا بمكان أن يختار الواضع في مقام الوضع طريقة اخرى وهي أن يتعهّد ويلتزم أنّه متى أراد تفهيم هذا المعنى تلفّظ بهذه الكلمة ، فإنّه حينئذ نظير سائر الالتزامات ، كالالتزام بأنّه متى أراد الشاي يتنحنح ، فإنّه يوجب حكم السامع كلّما سمع منه التنحنح بأنّه أراد الشاي.
فكذا يوجب في المقام الحكم بأنّه أراد تفهيم المعنى المذكور ، والذي يطلب بالوضع ويكون ثمرة له هذا المعنى ، أعني إسناد المخاطب الإرادة إلى المتكلّم وإلّا فانتقاش المعنى التصوّري ، فلا يختصّ بالوضع ، بل يحصل بقول : وضعت هذه الكلمة لهذا المعنى ، فإنّه يوجب تذكّر المسامع متى سمع اللفظة وخطور المعنى بباله.
ثمّ الكاشف عن هذا التعهّد قد يكون تصريح الواضع ، وقد يكون كثرة استعماله اللفظ ونصبه القرينة على إرادة الخاص.
وقد حاول شيخنا الاستاد دام علاه انحصار الطريق في الثاني ببيان أنّ الانتقاش ليس ثمرة الوضع كما عرفت ، وإسناد الإرادة أيضا ما لم يكن تعهّد كيف يجوز ، وإذا لم يكن الأثر متمشّيا من نفس ذات العمل أعني قول : وضعت بقصد الإنشاء الخالي عن التعهّد فلا يمكن أن يقال : فعله بقصد ترتّب هذه النتيجة عليه يوجب ترتّبها ، فإنّ غاية الشيء لا بدّ من ترتّبها على نفسه مع قطع النظر عن قصد القاصد إيّاه لأجل تلك الغاية.
وهذا بخلاف التعهّد ، فإنّ ترتّب المتعهّد به على الشيء المتعهّد عند حصوله أمر واقع بحكم الوجدان هذا.
ولكن استشكل عليه بعض حضّار مجلس بحثه الشريف بأنّه كما أنّ الزوجيّة لها آثار عرفا وشرعا ، كذلك علاقة اللفظ والمعنى أيضا لها آثار وهي الحكم بترتّب الإرادة عند التلفّظ، فجعل المنشأ موجب لترتّب هذا الأثر عليه قهرا.