كلاهما حكم الله ، فلا يمكن أن يكون حدّ حرمة الوطي النقاء ، وأن يكون هو الغسل. وحينئذ فإن قطعنا بتواتر القراءات ، والقول بتواترها يمكن على وجهين :
الأوّل : يقال : بأنّهما آيتان نزلتا على النبي صلىاللهعليهوآله كان الغاية في إحداهما يطهرن وفي الاخرى يطّهّرن ، والثاني ، أن يقال : الآية واحدة ، ولكن في خصوص هذه اللفظة يكون المنزل على النبي هو المادّة وجعل الاختيار لإحدى الهيئتين بيد القاري.
وعلى كلّ حال فإن حصل القطع بالتواتر بأحد وجهيه فلا بدّ من ملاحظة أنّ أيّ القطعين أظهر من الآخر في معناه ، مثلا ظهور يطهرن في النقاء أقوى أو ظهور يطهّرن في الغسل ، فإن كان في البين أظهر يجعل الأظهر قرينة على صرف الظاهر ، وكذا النصّ لو كان يجعل قرينة لغيره.
وإن لم يحصل القطع بالتواتر فنقول : قد ورد في الأخبار الأمر بالقراءة كما يقرأ
__________________
ـ الاختياري للفاعل فلم يؤخذ فيه بأن يعتبر أن يكون حصولا قهريّا لم يعمل في مقدّماته أيضا اختيار الفاعل ، بل هو من ذلك ومن الحصول الذي يحدث عقيب فعل اختياري للفاعل.
وإذن فبناء على تواتر القراءات يتّضح دلالة الآية الشريفة على كون الحرمة مغيّاة بالغسل دون الانقطاع ، ولكنّ الشأن في ثبوت التواتر ، وذلك لوضوح عدم حصول القطع بقرآنيّة ما يروونه القرّاء السبع.
وإذن فتصير الآية الشريفة مجملة ، فلا بدّ من التكلّم على القاعدة من استصحاب حكم المخصّص أو الرجوع إلى العام ، إلّا أن يقال : إنّ قوله تعالى بعد ذلك : (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) رافع للإجمال ، فعلى هذا أيضا تكون الغاية هو الغسل ، فيكون الكلام على القاعدة مع الإغماض عن ذلك ، كما يكون مع الإغماض عن الأخبار الخاصّة في المقام أيضا ، وأمّا مع النظر إلى الأخبار الخاصّة فهي بين مصرّح بالجواز وبين الناهي عن الوطي قبل الغسل ، ومن المعلوم أنّ مقتضاها الحمل على الكراهة وحمل يطهرن أيضا على الطهارة من الدم ، هذا. منه قدسسره الشريف.