انقضاء زمانها فليس اللازم باطلا ؛ لأنّ الوجوب قد يسقط بالإطاعة وقد يسقط بالعصيان.
ومنها ما حكي عن المحقّق السبزواري قدسسره وهو أنّها لو لم تكن واجبة يلزم عدم كون تارك الواجب المطلق مستحقّا للعقاب ، بيان الملازمة أنّه إذا كلّف الشارع بالحجّ ولم يصرّح بإيجاب المقدّمات فتارك الحجّ بترك قطع المسافة الجالس في بلده إمّا أن يكون مستحقّا للعقاب في زمان ترك المشي أو في زمان ترك الحج في موسمه المعلوم ، لا سبيل إلى الأوّل ؛ لأنّه لم يصدر منه في ذلك الزمان إلّا ترك الحركة ، والمفروض أنّها غير واجبة عليه ، ولا إلى الثاني ؛ لأنّ الإتيان بأفعال الحجّ في ذي الحجّة ممتنع بالنسبة إليه ، فكيف يكون مستحقّا للعقاب بما يمتنع صدوره عنه.
ألا ترى أنّ الإنسان إذا أمر عبده بفعل معيّن في زمان معيّن في بلد بعيد والعبد ترك المشي إلى ذلك البلد ، فإن ضربه المولى عند حضور ذلك الزمان معترفا بأنّه لم يصدر إلى الآن عنه فعل قبيح يستحقّ به التعذيب ، لكنّ القبيح أنّه لم يفعل في هذه الساعة هذا الفعل في ذلك البلد ، لنسبه العقلاء إلى سخافة الرأي وركاكة العقل ، بل لا يصحّ إلّا للاستحقاق السابق قطعا.
ثمّ نقول : إذا فرضنا أنّ العبد بعد ترك المقدّمات كان نائما في زمان الفعل فإمّا أن يكون مستحقّا للعقاب أولا ، لا وجه للثاني ؛ لأنّه ترك المأمور به مع كونه مقدورا فثبت الأوّل ، فإمّا أن يحدث استحقاق العقاب في حالة النوم أو حدث قبل ذلك ، لا وجه للأوّل؛ لأنّ استحقاق العقاب إنّما يكون لفعل القبيح ، وفعل النائم والساهي لا يتّصف بالحسن والقبح بالاتّفاق ولا وجه للثاني ؛ لأنّ السابق على النوم لم يكن إلّا ترك المقدّمة والمفروض عدم وجوبها ، هذا حاصل ما أفاده وقد نقلناه ملخّصا.
والجواب أنّه لا محذور في اختيار كلّ واحد من الشقّين ، فلنا أن نختار الشقّ الأوّل وهو استحقاق العقاب في زمان ترك المشي لا على ترك المشي ، بل على ترك الحجّ المستند إلى ترك المقدّمة اختيارا ؛ فإنّ طريقة الإطاعة والمعصية مأخوذة من العقلاء وهم يحكمون بحسن عقاب العبد التارك للمقدّمة في زمن تركها ولا يلزمون