ذلك عن عدم كون الفاعل في المثال هو الرامي بل هو السهم ، غاية الأمر لم يكن فاعلا بالطبع ، وإنّما يكون فاعليّته من جهة إحداث الرامي القوّة فيه ، وقس على ذلك سائر الأمثلة.
واجيب عنه بأنّا نسلّم أنّ التكليف لا يتعلّق إلّا بما يعدّ فعلا للمكلّف ، إلّا أن نقول: إنّ الفعل الصادر عنه له عنوان أوّلي وعناوين ثانويّة متّحدة معه بواسطة ترتّب الآثار عليه ، مثلا حركة اليد المؤثّرة في حركة المفتاح لها عنوان أوّلي وهو حركة اليد ، وتحريك اليد وبملاحظة تأثيرها في حركة المفتاح ينطبق عليها تحريك المفتاح ، وبملاحظة تأثيرها في انفتاح الباب ينطبق عليها فتح الباب ولا إشكال في أنّه كما أنّ حركة اليد ، التي هي الفعل الأوّل للفاعل فعل له ، كذلك العناوين المتّحدة معها ؛ لمكان اتّحادها مع فعله الأوّل في الخارج ، وحينئذ لو تعلّق التكليف بتحريك المفتاح التي يتّحد مع تحريك اليد الذي هو فعل للمكلّف فلا موجب لإرجاعه إلى التعلّق بتحريك اليد ، إذ كما أنّه فعل اختياري له كذلك ما يتّحد معه.
وقد يناقش في هذا الجواب بأنّ تحريك المفتاح في المثال لا يمكن أن ينطبق على تحريك اليد ؛ لأنّه عين حركة المفتاح في الخارج لما تقرّر من وحدتهما في الخارج ، وإنّما الفرق من حيث الاعتبار وهي غير حركة اليد المتّحدة مع تحريكها ، فيجب أن يكون تحريك المفتاح أيضا غير تحريك اليد ، وإلّا لزم كون حركة اليد وحركة المفتاح متّحدين أيضا ، والمفروض خلافه.
والجواب إنّا لا نقول بانطباق العنوانين في عرض واحد بل نقول : إنّ الفعل الذي يكون عنوانه تحريك اليد في الآن الأوّل ينقلب عنوانه إلى تحريك المفتاح في الآن الثاني فافهم، هذا ، ولكن لا يخفى أنّ هذا إنّما يصحّ فيما إذا كانت الواسطة من قبيل الآلة ، وأمّا إذا كان هناك فاعل آخر يصدر عنه الفعل فلا يمكن القول باتّحاد الفعل الصادر عنه مع الفعل الصادر عن الفاعل الأوّل ، وهذا واضح.
وقد يجاب أيضا عن أصل الدليل بأنّا لا نسلّم لزوم تعلّق الإرادة بالفعل الصادر عن الفاعل ، بل يكفي في قابليّة تعلّق الحكم بشيء كونه مستندا إلى المكلّف بنحو من