وتلمذ له عمرو (١) بن عبيد ، وزاد عليه في مسائل القدر. وكان عمرو من دعاة يزيد (٢) الناقص أيام بني أميّة ، ثم والى المنصور وقال بإمامته ، ومدحه المنصور يوما ، فقال : نثرت الحب للناس فلقطوا غير عمرو بن عبيد.
والوعيدية من الخوارج ، والمرجئة من الجبرية.
والقدرية ابتدءوا بدعتهم في زمان الحسن ، واعتزل واصل عنهم وعن أستاذه بالقول منه بالمنزلة بين المنزلتين ، فسمي هو وأصحابه معتزلة ، وقد تلمذ له زيد بن عليّ وأخذ الأصول فلذلك صارت الزيدية كلّهم معتزلة ، ومن رفض زيد بن عليّ لأنه خالف مذهب آبائه في الأصول ، وفي التبرّي والتّولّي ؛ وهم من أهل الكوفة ؛ وكانوا جماعة سموا رافضة. ثم طالع بعد ذلك شيوخ المعتزلة كتب الفلاسفة حين نشرت أيام المأمون (٣) فخلطت مناهجها بمناهج الكلام ، وأفردتها فنا من فنون العلم ، وسمّتها باسم الكلام ، إمّا لأن أظهر مسألة تكلموا فيها وتقاتلوا عليها ، هي مسألة الكلام ، فسمي النوع باسمها. وإمّا لمقابلتهم الفلاسفة في تسميتهم فنا من فنون علمهم بالمنطق ، والمنطق والكلام مترادفان.
* * *
وكان أبو الهذيل (٤) العلاف شيخهم الأكبر ؛ وافق الفلاسفة في أن الباري تعالى عالم بعلم ، وعلمه ذاته ، وكذلك قادر بقدرة ، وقدرته ذاته ، وأبدع بدعا في
__________________
(١) توفي بمران قرب مكة سنة ١٤٤ ه / ٧٦١ م.
(٢) هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان ، أبو خالد ، يقال له الناقص لأن سلفه الوليد بن يزيد كان قد زاد في أعطيات الجند فلما ولي يزيد نقص الزيادة. توفي سنة ١٢٦ ه / ٧٤٤ م. (راجع اليعقوبي وابن الأثير والطبري).
(٣) هو عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور ، سابع الخلفاء من بني العباس في العراق. توفي سنة ٢١٨ ه / ٨٣٣ م. (راجع تاريخ بغداد لابن الخطيب ١٠ : ١٨٣ والمسعودي ٢ : ٢٤٧).
(٤) هو محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدي ، من أئمة المعتزلة. توفي بسامرا سنة ٢٣٥ ه / ٨٥٠ م. (راجع وفيات الأعيان ١ : ٤٨٠ ولسان الميزان ٥ : ٤١٣).