وكذلك الخلاف بينه
وبين الشراة المارقين بالنهروان عقدا وقولا ، ونصب القتال معه فعلا ظاهرا معروف ؛ وبالجملة
كان عليّ رضي الله عنه مع الحق ، والحق معه ، وظهر في زمانه الخوارج عليه مثل
الأشعث بن قيس ، ومسعود بن فدكي التميمي ، وزيد بن حصين الطائي وغيرهم ، وكذلك ظهر
في زمانه الغلاة في حقه مثل عبد الله بن سبأ وجماعة معه ، ومن الفريقين ابتدأت
البدعة والضلالة ، وصدق فيه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «يهلك فيه اثنان : محبّ غال ومبغض قال».
وانقسمت
الاختلافات بعده إلى قسمين : أحدهما الاختلاف في الإمامة ، والثاني : الاختلاف في
الأصول.
* * *
والاختلاف في
الإمامة على وجهين :
أحدهما : القول
بأن الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار.
والثاني : القول
بأن الإمامة تثبت بالنص والتعيين.
فمن قال إن
الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار ، قال بإمامة كل من اتفقت عليه الأمة ، أو جماعة
معتبرة من الأمة : إمّا مطلقا ، وإمّا بشرط أن يكون قرشيا ؛ على مذهب قوم ، وبشرط
أن يكون هاشميا ، على مذهب قوم ، إلى شرائط أخرى كما سيأتي.
ومن قال بالأوّل ،
قال بإمامة معاوية وأولاده ، وبعدهم بخلافة مروان وأولاده.
والخوارج اجتمعوا
في كل زمان على واحد منهم بشرط أن يبقى على مقتضى اعتقادهم ، ويجري على سنن العدل
في معاملاتهم ، وإلّا خذلوه وخلعوه ، وربما قتلوه.
__________________