السّلطان الأمير شرف الدّولة أبو المكارم.
كان أبوه قد نهب دار الخلافة مع البساسيريّ ، ومات سنة ثلاث وخمسين كهلا (١) ، فقام شرف الدّولة بعده ، واستولى على ديار ربيعة ، ومضر ، وتملّك حلب (٢) ، وأخذ الحمل والإتاوة من بلاد الرّوم ، أعني من أنطاكية ، ونحوها. وسار إلى دمشق فحاصرها. وكان قد تهيّأ له أخذها ، فبلغه أنّ حرّان قد عصى عليه أهلها ، فسار إليهم ، فحاربهم وحاربوه ، فافتتحها وبذل السّيف ، وقتل بها خلقا من أهل السّنّة (٣).
وكان رافضيّا خبيثا ، أظهر ببلاده سبّ السّلف ، واتّسعت مملكته ، وأطاعته العرب ، واستفحل أمره حتّى طمع في الاستيلاء على بغداد بعد وفاة طغرلبك.
وكان فيه أدب ، وله شعر جيّد. وكان له في كلّ قرية قاض ، وعامل ، وصاحب خبر. وكان أحول ، له سياسة تامّة. وكان لهيبته الأمن ، وبعض العدل في أيّامه موجودا. وكان يصرف الجزية في بلاده إلى العلويّين. وهو الّذي عمّر سور الموصل وشيّدها في ستّة أشهر من سنة أربع وسبعين.
ثمّ إنّه جرى بينه وبين السّلطان سليمان بن قتلمش السّلجوقيّ ملك الرّوم مصافّ في نصف صفر على باب أنطاكية فقتل فيه مسلم ، وله بضع وأربعون سنة.
قاله صاحب «الكامل» (٤) ، والقاضي شمس الدّين بن خلّكان (٥).
__________________
(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٧.
(٢) زبدة الحلب ٢ / ٥٧ وكان تملّكها في سنة ٤٧١ ه.
(٣) الأعلاق الخطيرة ـ ج ٣ ق ١ / ٤٧ ، زبدة الحلب ٢ / ٨٣ وقيل إنه أخذ القاضي وابنين له فصلبهم على السور ، وصلب معهم مائة نفس ، وقطع على البلد مائة ألف دينار ، وكانت مدة عصيانهم نيّفا وتسعين يوما.
وقيل : قتل ابن جلبة وولديه وثلاثة وتسعين رجلا صبرا وصلبهم ، وصلب ابن جلبة إمامهم.
وانظر : ذيل تاريخ دمشق ١١٦ ، ١١٧ بالحاشية ، ووفيات الأعيان ٥ / ٢٦٧ ، ٢٦٨.
(٤) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٣٩ ، ١٤٠.
(٥) في وفيات الأعيان ٥ / ٢٦٨ ، وانظر : الأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ / ٤٨ و ٧٧ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١١٧ ، ١١٨ ، وقال ابن تغري بردي إن السلطان ألب أرسلان السلجوقي زوّجه أخته ، واحتاج إليه الخلفاء والملوك والوزراء ، وخطب له على المنابر من بغداد إلى العواصم =