وله :
إلهي (١) ، قد أفنيت عمري بطالة |
|
ولم يثنني عنها وعيد ولا وعد |
وضيعته ستين عاما أعدها |
|
وما خير عمر إنّما خيره العدّ |
وقدمت إخواني وأهلي ، فأصبحوا |
|
تضمّهم أرض ويسترهم لحد |
وجاء نذير الشّيب لو كنت سامعا |
|
لوعظ نذير ليس من سمعه بدّ |
تلبست بالدنيا ، فلمّا تنكرت |
|
تمنيت زهدا حين لا يمكن الزّهد |
وتابعت نفسي في هواها وغيها |
|
وأعرضت عن رشدي وقد أمكن الجهد |
ولم آت ما قدّمته عن جهالة |
|
يمكنني عذر ولا ينفع الجحد |
وها أنا من ورد الحمام على مدى |
|
أراقب أن أمضي إليه وأن أعدو |
ولم يبق إلا ساعة إن أضعتها |
|
فما لي في التوفيق نقد ولا وعد |
قال ابن سكرة : توفي بالمرية لتسع عشرة ليلة خلت من رجب (٢).
ذكره ابن السمعانيّ (٣) فقال : باجة بين إشبيلية وشنترين من الأندلس.
وذكر ابن عساكر في تاريخه (٤) أنّ أبا الوليد قال : كان أبي من باجة القيروان تاجرا ، كان يختلف إلى الأندلس. وهذا أصحّ
__________________
(١) في الأصل : «إلا هي».
(٢) وقال ابن سكرة وقد ذكر شيخه هذا أبا الوليد : ما رأيت مثله ، وما رأيت على سمته ، وهيئته ، وتوقير مجلسه. وقال هو أحد أئمة المسلمين. (الصلة ١ / ٢٠٢).
وقال القاضي عياض : «كان أبو الوليد ـ رحمهالله ـ فقيها نظارا محققا راوية محدّثا ، يفهم صيغة الحديث ورجاله ، متكلما أصوليا ، فصيحا ، شاعرا مطبوعا ، حسن التألف ، متقن المعارف. له في هذه الأنواع تصانيف مشهورة جليلة ، ولكن أبلغ ما كان فيها في الفقه وإتقانه ، على طريق النظار من البغداديين وحذاق القرويين ، والقيام بالمعنى والتأويل ، وكان وقورا بهيّا مهيبا ، جيّد القريحة ، حسن الشارة» (ترتيب المدارك ٤ / ٨٠٣).
وقال القاضي عياض : وكان جاء إلى المرية سفيرا بين رؤساء الأندلس يؤلّفهم على نصرة الإسلام ، ويروم جمع كلمتهم مع جنود ملوك المغرب المرابطين على ذلك ، فتوفي قبل تمام غرضه. (ترتيب المدارك ٤ / ٨٠٨).
(٣) في الأنساب ٢ / ١٩ ، ٢٠.
(٤) تاريخ دمشق ١٦ / ٤٤٤ ، مختصر تاريخ دمشق ١٠ / ١١٦.