والجواب عن الأوّل : المعارضة بالله تعالى ، فإنّه تعالى قادر ، فإن افتقرت القدرة إلى المرجّح ـ وكان المرجّح موجبا للأثر ـ لزم أن يكون الله تعالى موجبا لا مختارا ، فيلزم الكفر.
وعن الثاني : أيّ شركة هنا؟! والله تعالى هو القادر على قهر العبد وإعدامه ، ومثال هذا أنّ السلطان إذا ولى شخصا بعض البلاد ، فنهب وظلم وقهر ، فإنّ السلطان يتمكّن من قتله والانتقام منه واستعادة ما أخذه ، وليس يكون شريكا للسلطان.
وعن الثالث : أنّه إشارة إلى الأصنام التي كانوا ينحتونها ويعبدونها ، فأنكر عليهم وقال (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (١).
وذهبت الأشاعرة إلى أنّ الله تعالى مرئيّ بالعين ، مع أنّه مجرّد عن الجهات ، وقد قال تعالى (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) (٢) ، وخالفوا الضرورة في (٣) أنّ المدرك بالعين يكون مقابلا أو في حكمه ، وخالفوا جميع العقلاء في ذلك وذهبوا إلى تجويز أن يكون بين أيدينا جبال شاهقة من الأرض إلى السماء ، مختلفة الألوان لا نشاهدها ، وأصوات هائلة لا نسمعها ، وعساكر مختلفة متحاربة بأنواع الأسلحة ، بحيث يماسّ أجسامنا أجسامهم (٤) ، لا نشاهد صورهم ولا حركاتهم ، ولا نسمع أصواتهم الهائلة ، وأن نشاهد جسما أصغر الأجسام ، كالذرّة في المشرق ونحن في المغرب مع كثرة الحائل بيننا وبينها ، وهذا عين السفسطة. (٥)
وذهبوا إلى أنّه تعالى آمر وناه (٦) في الأزل ، ولا مخلوق عنده (٧) ، قائلا (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) (٨) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) (٩) (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) (١٠). ولو جلس
__________________
(١) الصافات : ٩٥ و ٩٦.
(٢) الأنعام : ١٠٣.
(٣) في «ش ٢» : من.
(٤) في «ش ٢» : أجسامنا وأجسامهم.
(٥) انظر «دلائل الصدق» ١ : ٨٩ ـ ٩٢.
(٦) في «ش ٢» : أمرنا ونهانا.
(٧) الملل والنحل ١ : ١٢٩.
(٨) الأحزاب : ١.
(٩) البقرة : ٢٧٨ ، المائدة : ٣٥ ، التوبة : ١١٩ ، الأحزاب : ٧٠ ، الحديد : ٢٨ ؛ الحشر : ١٨.
(١٠) النساء : ١ ، الحج : ١ : لقمان : ٣٣.