فجاء عليّ عليهالسلام فدقّ الباب ، فقال أنس بن مالك : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على حاجة ، فانصرف (١).
ثم قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما قال أوّلا ، فدقّ عليّ عليهالسلام الباب ، فقال أنس : أولم أقل لك أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على حاجة؟ فانصرف.
فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما قال في الأوليين ، فجاء علي عليهالسلام فدقّ الباب أشدّ من الأوليين ، فسمعه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد قال له أنس أنّه على حاجة ، فأذن له بالدخول وقال : يا عليّ ، ما أبطأك عنّي؟ قال : جئت فردني أنس ، ثم جئت فردّني ، ثم جئت الثالثة فردّني.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أنس ، ما حملك على هذا؟ فقال : رجوت أن يكون الدّعاء لأحد من الأنصار.
فقال : يا أنس ، أفي الأنصار خير من عليّ؟! أو في الأنصار أفضل من عليّ؟! (٢)
وإذا كان أحبّ الخلق إلي الله تعالى ، وجب أن يكون هو الإمام.
__________________
(١) في «ش ١» : فرجع.
(٢) هو من الأحاديث الصحيحة التي وثق سنده أئمة الحديث ، ويعرف بحديث الطائر ، وقد عقد له الكنجي الشافعي بابا في كتاب كفاية الطالب ذكر فيه طرق الحديث وأسانيده عن الترمذي في جامعه الصحيح ، وعن الخطيب في تاريخه ، وعن ابن نجيح البزاز في الأول من منتقى أبي حفص عمر البصري ، وعن المحاملي فى أماليه ، ثم قال : وحديث أنس الذي صدّرته في أول الباب أخرجه الحاكم أبو عبد الله الحافظ النيسابوري عن ستة وثمانين رجلا كلّهم رووه عن أنس ، وهذا ترتيبهم على حروف المعجم ... ثم ذكر أسماء الرواة ، ثم ذكر حديثا آخر بسند آخر عن عمر بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وقال : وروي من وجه آخر وفيه رد الشمس عليه ، ذكرته في فصل ردّ الشمس ، ورواه عبد الله بن عباس وأبو سعيد الخدري ويعلى بن مرّة الثقفي ، كلّهم عن النبي صلىاللهعليهوآله.
ومن الرواة عدة كثيرة من كبار التابعين المتّفق على ثقتهم وعدالتهم ، المخرّج حديثهم في الصحاح ، ممن لا ارتياب في واحد منهم ، والحديث مشهور وبالصحة مذكور.
وقد رواه الحاكم في المستدرك ٣ : ١٣٠ ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى : ٦١ ـ ٦٢ بطريقين ، ورواه النسائي في الخصائص : ٥١ ـ ٥٢ ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة : ٣٨ ـ ٣٩ ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : ٣٧ / الفصل ١.