وولى مروان أمره ، وألقى إليه مقاليد أموره ، ودفع إليه خاتمه ، فحدث من ذلك قتل عثمان ، فحدث من الفتنة بين الأمّة ما حدث.
وكان يؤثر أهله بالأموال الكثيرة من بيت مال المسلمين ، حتّى أنّه دفع إلى أربعة نفر من قريش ـ زوّجهم بناته ـ أربع مائة ألف دينار ، ودفع إلى مروان ألف ألف دينار (١).
وكان ابن مسعود يطعن عليه ويكفّره ، ولمّا علم ضربه حتّى مات ، (٢) وضرب عمّارا حتّى صار به فتق ، (٣) وقد قال فيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : عمّار جلدة بين عيني ، تقتله الفئة الباغية ، لا أنا لهم الله شفاعتي يوم القيامة. (٤) وكان عمّار يطعن عليه.
وطرد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الحكم بن أبي العاص عمّ عثمان عن المدينة ومعه ابنه مروان ، فلم يزل طريدا هو وابنه في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وعمر ، فلمّا ولي عثمان آواه وردّه إلى المدينة (٥) وجعل مروان كاتبه وصاحب تدبيره ، مع أنّ الله تعالى قال : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) ـ الآية. (٦)
ونفى أبا ذر إلى الربذة ، وضربه ضربا وجيعا ، مع أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في حقّه : ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. (٧) وقال : إنّ الله تعالى أوحى إليّ أنّه يحبّ أربعة من أصحابي وأمرني بحبّهم. فقيل له : من هم يا رسول الله؟ قال : عليّ سيّدهم ،
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ : ٦٤ ، وتاريخ الخلفاء : ١٥٦ ، وتاريخ ابن الأثير ٣ : ٧١.
(٢) تاريخ ابن كثير ٢٧ : ١٦٣ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١ : ٢٣٦ و ٢٣٧.
(٣) السيرة الحلبية ٢ : ٨٧ ، والاستيعاب لابن عبد البرّ ٢ : ٤٧٧ في ترجمة عمّار.
(٤) مسند أحمد ٢ : ١٦٤ ، وصحيح البخاري ٤ : ٢٥ / باب مسح الغبار عن الناس في السبيل ، و ١ : ١٢١ / كتاب الصلاة ـ باب التعاون في بناء المسجد.
(٥) الاستيعاب لابن عبد البر ١ : ٣١٧ ، والمعارف لابن قتيبة : ٨٤. وانظر الغدير ٨ : ٢٤٢.
(٦) المجادلة : ٢٢.
(٧) مسند أحمد ٢ : ١٦٣ / الحديث ٦٤٨٣ بسنده عن عبد الله بن عمرو ، والاستيعاب ٤ : ٦٤ ـ ٦٥ في ترجمته ، وطبقات ابن سعد ٤ : ٢٢٦ عن زيد بن وهب.