خصمتك! إنّ الله تعالى يقول : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (١) ، وقال : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) (٢) فخلّى سبيلها. (٣)
وكان يضطرب في الأحكام ، فقضى في الجدّ بمائة (٤) قضيّة ، وكان يفضّل في الغنيمة والعطاء ، وأوجب الله تعالى التسوية ، وقال بالرأي والحدس والظنّ
وجعل الأمر شورى من بعده وخالف فيه من تقدّمه ؛ فإنّه لم يفوّض الأمر فيه إلى اختيار الناس ، ولا نصّ على إمام بعده ، بل تأسّف على سالم مولى حذيفة ، وقال : لو كان حيّا لم يختلجني فيه شكّ (٥) ، وأمير المؤمنين عليّ عليهالسلام حاضر ، وجمع في من يختار بين المفضول والفاضل ، ومن حقّ الفاضل التقدّم على المفضول. ثمّ طعن في كلّ واحد ممّن اختاره للشورى ، وأظهر أنّه يكره أن يتقلّد أمر المسلمين ميّتا كما تقلّده حيّا ، ثمّ تقلّده بأن جعل الإمامة في ستّة ، ثمّ ناقض فجعلها في أربعة ، ثمّ في ثلاثة ، ثمّ في واحد ، فجعل إلى عبد الرحمن بن عوف الاختيار بعد أن وصفه بالضعف والقصور ؛ ثمّ قال : إن اجتمع أمير المؤمنين وعثمان فالقول ما قالاه ، وإن صاروا ثلاثة ثلاثة ، فالقول للذين فيهم عبد الرحمن ، لعلمه أنّ عليّا وعثمان لا يجتمعان على أمر ، وأنّ عبد الرحمن لا يعدل بالأمر عن أخيه (٦) وهو عثمان وابن عمّه ، ثم أمر بضرب أعناقهم إن تأخّروا عن البيعة ثلاثة أيّام ، مع أنّهم عندهم من العشرة المبشّرة بالجنّة ، (وأمر بقتل من خالف الأربعة منهم) (٧) ، وأمر بقتل
__________________
(١) الأحقاف : ١٥.
(٢) البقرة : ٢٣٣.
(٣) مناقب الخوارزمي : ٩٥ ـ ٩٤ / الحديث ٩٤ ، وتذكرة الخواص : ١٤٨ ، وسنن البيهقي ٧ : ٤٤٢.
(٤) في «ش ١» و«ش ٢» : بثمانين.
(٥) الاستيعاب لابن عبد البرّ ٢ : ٧٠ ـ ٧١ ، وتاريخ الطبري ٥ : ٣٤.
(٦) أي بالمواخاة.
(٧) ما بين القوسين سقط من «ش ١».