وبأنه قد يتصدى
بمعارضته ، ويبذل الجهد في الإتيان بمثله ، وبأن صاحبه ربما يعلن بالفسق، ويتصف
بالرجس في الظاهر والباطن ، والخزي في الدنيا والآخرة .. إلى غير ذلك من وجوه
المفارقة وهو عند أهل الحق جائز عقلا ، ثابت سمعا ، وكذلك الإصابة بالعين. وقالت
المعتزلة: بل هو مجرد إراءة ما لا حقيقة له بمنزلة الشعبذة التي سببها خفة حركات
اليد ، أو خفاء وجه الحيلة فيه لنا على الجواز ما مر في الإعجاز من إمكان الأمر في
نفسه ، وشمول قدرة الله تعالى ، فإنه هو الخالق ، وإنما الساحر فاعل وكاسب. وأيضا
إجماع الفقهاء ، وإنما اختلفوا في الحكم ، وعلى الوقوع وجوه : منها قوله تعالى :
(يُعَلِّمُونَ
النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ
..) إلى قوله (فَيَتَعَلَّمُونَ
مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ
بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ)
وفيه إشعار بأنه
ثابت حقيقة ، ليس مجرد إراءة وتمويه ، وبأن المؤثر والخالق هو الله وحده.
ومنها سورة الفلق
، فقد اتفق جمهور المسلمين على أنها نزلت فيما كانت من سحر لبيد بن أعصم اليهودي
لرسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى مرض ثلاث ليال.
ومنها ما روي أن
جارية سحرت عائشة (رضي الله عنها) وأنه سحر ابن عمر (رضي الله عنه) فتكوعت يده.
فإن قيل : لو صح السحر لأضرت السحرة بجميع الأنبياء والصالحين ، ولحصلوا لأنفسهم
الملك العظيم ، وكيف يصح أن يسحر النبي صلىاللهعليهوسلم وقد قال الله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ
مِنَ النَّاسِ) (وَلا يُفْلِحُ
السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) .
وكانت الكفرة
يعيبون النبي صلىاللهعليهوسلم بأنه مسحور ، مع القطع بأنهم كاذبون.
__________________