(عقلا بأن فيه دفع الضرر ، فيجب. قلنا : لا بمعنى استحقاق تاركه الذم والعقاب).
علينا عقلا بأن دفع الضرر واجب عقلا ، كاجتناب الطعام المسموم ، والجدار المشرف على السقوط ولو ظنا. قلنا : نعم بمعنى كونه من مقتضيات العقول والعادات وملائماتها ، والكلام في الوجوب بمعنى استحقاق تاركه الذم والعقاب في حكم الله تعالى. وهو ممنوع هاهنا. واحتجوا على عدم وجوبه على الله تعالى. مع أن الوجوب على الله في الجملة مذهبهم ، بأنه لو وجب على الله تعالى ، لما خلا زمان من الأزمنة من إمام ظاهر ، قاهر ؛ جامع لشروط الإمامة قاطع لرسوم الضلالة ، قائم بحماية بيضة الإسلام وإقامة الحدود وتنفيذ الأحكام. واللازم ظاهر الانتفاء.
قال : احتج القائلون
(وفي وجوبه على الله بأنه لطف محصل للمعرفة ، مقرب من الطاعة ، مبعد عن المعصية. ورد بمنع مقدمتي القياس ، كيف وفيه مفاسد تنشأ من اختلاف الآراء وميلها إلى الإباء عن امتثال الأكفاء. وأيضا فعل الطاعة وترك المعصية مع عدم الإمام أشق ، وأقرب الى الإخلاص. وأيضا لا يصير لطفا ، بل خلقهم معصومين ألطف ، والقول بأنه منفعة خالصة ولطف لا يحصل بالغير (١) وأيضا اللطف في ظهوره وأنهم لا يحبونه.
فإن قيل : مجرد الوجود لطف زاجر لخوف الظهور ، وتصرفه الظاهر لطف آخر فوته العباد بسوء اختيارهم ، حيث أضاعوه أخافوه وتركوا نصرته.
قلنا : فيكفي احتمال الوجود والحكم بأنه يوجد ولو بعد حين ، فإن الخوف من وجود مرتب بمنزلة الخوف من ظهور مترقب ، وينبغي أن يظهر للأولياء الذين قضوا في محبته وانتظاره الأعمار (٢) ، وبذلوا المهج (٣) والأموال ، ونحن نقطع بانتفاء
__________________
(١) في أ«مم» وفي (ب) مطلقا ونعتقد أن هذا هو الأقرب إلى الصواب.
(٢) في (ب) السنين الطوال بدلا من (الأعمار).
(٣) في (ب) الأرواح بدلا من (المهج).