قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح المقاصد [ ج ٥ ]

207/323
*

قلنا : لا نزاع في إطلاقه على الاستسلام والانقياد الظاهر ، وتغاير المفهوم كاف في صحة العطف ، وفي الحديث بيان لمتعلق الإيمان ، وشرائع الإسلام ، وقد ورد مثله في الإيمان).

الجمهور على أن الإسلام والإيمان واحد : إذ معنى آمنت بما جاء به النبي (عليه‌السلام) : صدقته. ومعنى أسلمت له : سلمته. ولا يظهر بينهما كثير فرق لرجوعهما إلى معنى الاعتراف والانقياد (١) والإذعان والقبول.

وبالجملة لا يعقل بحسب الشرع مؤمن ليس بمسلم أو مسلم ليس بمؤمن ، وهذا مراد القوم بترادف الاسمين ، واتحاد المعنى ، وعدم التغاير على ما قال في التبصرة : الاسمان من قبيل الأسماء المترادفة. وكل مؤمن مسلم ، وكل مسلم مؤمن ، لأن الإيمان اسم لتصديق شهادة العقول (٢) والآثار (٣) على وحدانية الله تعالى ، وأن له الخلق والأمر ، لا شريك له في ذلك. والإسلام إسلام المرء نفسه بكليتها لله تعالى بالعبودية له ، من غير شرك ، فحصلا من طريق المراد منهما على معنى واحد. ولو كان الاسمان متغايرين لتصور وجود أحدهما بدون الآخر ، ولتصور مؤمن ليس بمسلم ، أو مسلم ليس بمؤمن ، فيكون لأحدهما في الدنيا أو الآخرة حكم ليس للآخر ، وهذا باطل قطعا. وقال في الكفاية : الإيمان هو تصديق الله فيما أخبر من أوامره ونواهيه ، والإسلام هو الانقياد والخضوع لألوهيته. وذا لا يتحقق إلا بقبول الأمر والنهي. فالإيمان لا ينفك عن الإسلام حكما ، فلا يتغايران ، وإذا كان المراد بالاتحاد هذا المعنى ، صح التمسك فيه بالإجماع على أنه يمتنع أن يأتي أحد بجميع ما اعتبر في الإيمان ولا يكون مسلما أو بجميع ما اعتبر في الإسلام ولا يكون مؤمنا. وعلى أنه ليس للمؤمن حكم لا يكون للمسلم ، وبالعكس. وعلى أن دار

__________________

(١) سقط من (ب) لفظ (الانقياد).

(٢) لأن العقول السليمة تشهد بأن لهذا الكون خالق وموجد ، خلقه ونظمه وقدر فيه أموره (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ).

(٣) الآثار أكثر من أن تحصى أو تعد. قال تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ، اللهُ الصَّمَدُ). وقال تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ). وقال تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا).