تُكَذِّبُونَ) (١) (بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) (٢).
ومثل : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً ...) (٣) إلى قوله : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) (٤).
والجواب الدفع بالتخصيص ، وبالحمل على التغليظ ، وبصرف المطلق ، إلى الكمال ، ونحو ذلك. وللقائلين بكونه منافقا بأن عصيانه دليل على كذبه في دعوى التصديق ، وبأن النبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) جعل الكذب والخيانة وإخلاف الوعد من علامات النفاق.
وأجيب بمنع الأول ، وحمل الثاني على تهويل شأن تلك المعاصي.)
كما اختلفت الأمة في حكم صاحب الكبيرة ، فكذلك في اسمه ، بعد الاتفاق على تسميته فاسقا ، فعندنا مؤمن ، وعند المعتزلة لا مؤمن ، ولا كافر ، ويسمون ذلك المنزلة بين المنزلتين ، وعند الخوارج كافر. وعند الحسن البصري (٥) منافق ، وقد فرغنا من إقامة الأدلة ، ودفع شبه المعتزلة المبنية على كون الأعمال من الإيمان ، فالآن نشير إلى دفع باقي شبههم ، وشبه الخوارج ، ومن يسميه بالمنافق ، فمن شبه المعتزلة ما احتج به واصل بن عطاء على عمرو بن عبيد (٦) ، حتى رجع إلى مذهبه وهو أنه اجتمعت الأمة على أن صاحب الكبيرة فاسق. واختلفوا في كونه مؤمنا أو كافرا ، فوجب ترك المختلف ، والأخذ بالمتفق عليه.
والجواب أن هذا ترك للمتفق عليه ، وهو أنه إما مؤمن أو كافر ، ولا وساطه
__________________
(١) سورة السجدة آية ٢٠.
(٢) سورة البلد آية رقم ١٩.
(٣) سورة الزمر آية رقم ٧١.
(٤) سورة الزمر آية رقم ٧٣.
(٥) سبق الترجمة له في الجزء الأول في كلمة وافية.
(٦) هو عمرو بن عبيد بن باب التيمي بالولاء أبو عثمان البصري شيخ المعتزلة في عصره ، ومفتيها وأحد الزهاد المشهورين كان جده من سبى فارس ، وأبوه نساجا ثم شرطيا للحجاج في البصرة ، واشتهر عمر بعلمه وزهده وأخباره مع المنصور العباسي وغيره ، وفيه قال المنصور : كلكم طالب صيد.
غير عمر بن عبيد له رسائل وخطب كثيرة وكتب منها التفسير ، والرد على القدرية توفي بمران قرب مكة عام ١٤٤ ه راجع وفيات الأعيان ١ : ٣٨٤ والبداية والنهاية ١٠ : ٧٨ وميزان الاعتدال ٢ : ٢٩٤.