(المبحث الثالث
عشر ـ يجوز عندنا الشفاعة لأهل الكبائر في حقها ، لما سبق من دلائل العفو ، وما
تواتر معنى من ادخار الشفاعة لأهل الكبائر. وقد يستدل بعموم قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ)
وبأن أصل الشفاعة
ثابت بالنص والإجماع ، وليست حقيقة لطلب المنافع على ما يراه المعتزلة ، وإلا لكنا
شافعين للنبي صلىاللهعليهوسلم حين نسأل الله تعالى زيادة كرامته. بل لإسقاط المضاد.
وعندكم لا عقاب مع التوبة ، ولا صغيرة مع اجتناب الكبيرة ، فتعين كونها لإسقاط
الكبائر. تمسكت المعتزلة بوجوه :
الأول ـ عمومات نفي الشفاعة مثل قوله تعالى : (لا يُقْبَلُ مِنْها
شَفاعَةٌ) (فَما تَنْفَعُهُمْ
شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) (مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) (ما لِلظَّالِمِينَ
مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (ما لِلظَّالِمِينَ
مِنْ أَنْصارٍ)
والجواب ـ بعد تسليم عموم الأزمان والأحوال التخصيص بالكبائر جمعا بين
الأدلة على أن الظلم المطلق هو الكفر ، ونفي الناصر لا ينفي الشفيع.
الثاني ـ آيات تنفي شفاعة صاحب الكبيرة : (وَلا يَشْفَعُونَ
إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ
تابُوا) .
والجواب ـ أن الفاسق مرتضى من جهة الإيمان. والمراد تابوا عن الشرك ، لأن من
تاب عن المعاصي وعمل صالحا فطلب مغفرته عبث ، أو طلب لترك الظلم.
الثالث ـ آيات خلود الفساق ، وقد مر.
__________________