لثناء على الله تعالى بالعفو والكرم والرأفة.
قال : وسمعا
(بالنصوص الواردة في وعيد الفساق ، فإن الخلف والكذب نقص بالاتفاق (١). ورد بأنهم داخلون في عمومات الوعد. والخلف في الوعد باطل بالإجماع ، بخلاف الخلف في الوعيد. فإنه كرم جوزه البعض. نعم حديث لزوم الكذب وتبديل القول مشكل (٢) فالأولى القول بإخراجهم من عموم اللفظ ، وبأنه ليس نسخا ليمتنع في الخير ، وأما القول بأن الكذب يجري في المستقبل فضعيف جدا (٣) وكذا القول بأن صدق كلامه عندنا أزلي ، فلا يتغير. والكذب عندكم إنما امتنع لقبحه. ولا قبح هاهنا لتوقف العفو عليه. كمن أخبر أنه يقتل زيدا غدا ، فلم يقتله. وذلك لأن أزلية الصدق تقتضي ترك العفو. وجواز الكذب في إخباره يفضي إلى مفاسد لا تحصى (٤))
تمسك القائلون بجواز العفو عقلا ، وامتناعه سمعا ، وهم البصريون من المعتزلة ، وبعض البغدادية بالنصوص الواردة في وعيد الفساق وأصحاب الكبائر إما بالخصوص كقوله تعالى في آكل أموال الناس : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً) (٥)
وفي التولي عن الزحف : (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٦) وفي تعدي حدود المواريث : (يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) (٧)
وإما بالدخول في العمومات المذكورة في بحث الخلود. وإذا تحقق الوعيد. فلو تحقق العفو ، وترك العقوبة بالنار ، لزم الخلف في الوعيد والكذب
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (عليه).
(٢) في (ب) بزيادة (لبعضهم).
(٣) سقط من (ب) لفظ (جدا).
(٤) في (ب) كثيرة بدلا من (لا تحصى).
(٥) سورة النساء آية رقم ٣٠.
(٦) سورة آل عمران آية رقم ١٦٢ وسورة الأنفال آية رقم ١٦.
(٧) سورة النساء آية رقم ١٤.