بهذه الأحكام ومخاطباً بها ، فغيره أَولى أن يكون محكوماً بها.
وعلى ذلك فتكون الآيات واردة مجرى : «إياك أعني واسمعي يا جارة» ، فهؤلاء الذين يتخذون تلك الآيات وسيلة لإنكار العصمة ، غير مطّلعين على «ألف باء» القرآن ، وبذلك يظهر مفاد كثير من الآيات النازلة في هذا المجال ، يقول سبحانه عند ما يأمره بالصلاة إلى المسجد الحرام :
٤. (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (١) ، ويريد بذلك تعليم الناس أن لا يقيموا وزناً لإرجاف المرجفين في العدول بالصلاة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام ، كما يحكي سبحانه وتعالى عنهم بقوله : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) (٢).
٥. انّه سبحانه يبطل ألوهية المسيح عليهالسلام بحجّة أنّه وليد مريم ـ عليهاالسلام ـ بأنّ تولده بلا أب يشبه تكوّن آدم من غير أب ولا أُم ، قال سبحانه : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ، فعند ذلك يخاطب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (٣).
ولا شك أنّ الخطاب جرى مجرى ما ذكرنا : «إياك أعني واسمعي يا جارة» ، فإنّ النبي الأعظم بعد ما اتصل بعالم الغيب وشاهد ورأى الملائكة وسمع كلامهم ، هل يمكن أن يتسرّب إليه الشك حتى يصح أن يخاطب بقوله : (فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) على الجد والحقيقة؟
٦. انّه سبحانه يخاطب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم عند ما جلس على كرسي القضاء
__________________
(١). البقرة : ١٤٧.
(٢). البقرة : ١٤٢.
(٣). آل عمران : ٥٩ ـ ٦٠.