للنفس غير عمل السوء ، فالأوّل موجب لحط النفس عن مكانتها ولا يستلزم تجاوزاً عن حدود الله ، بخلاف عمل السوء فإنّه تجاوز على حدوده ، وبذلك يعلم أنّ المراد من قوله سبحانه : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (١) هو الظلم للنفس المستلزم لحط النفس عن مكانتها ، في مقابل عمل السوء المستلزم للتجاوز على حدوده سبحانه.
* ٦. ما المراد من قوله : (فَتابَ عَلَيْهِ)؟
(التوبة) بمعنى الرجوع ، فإذا نسبت إلى الله تتعدى بكلمة «على» قال سبحانه : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) (٢) ، أي رجع عليهم بالرحمة.
وإذا نسبت إلى العبد تتعدى بكلمة «إلى» قال سبحانه : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (٣). وقال سبحانه : (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٤).
فإذا كانت التوبة بمعنى الرجوع ، فعند ما تعدت ب «على» يكون معنى قوله : (فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (٥) انّ الله رجع عليه بالرحمة ، فالتوبة في هذه الجملة توبة من الله على العبد لا من العبد إلى الله ، ومعنى الأوّل هو رجوعه سبحانه على العبد باللطف والمرحمة.
__________________
(١). البقرة : ٣٥.
(٢). التوبة : ١١٧.
(٣). البقرة : ٥٤.
(٤). المائدة : ٧٤.
(٥). البقرة : ٣٧.