التاليتين :
٢. انّه سبحانه يخاطب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقضايا شرطية كثيرة قال سبحانه : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً* إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) (١).
ومن المعلوم المقطوع به أنّه سبحانه لا يستلب منه ما أوحى إليه.
٣. قال سبحانه : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢) ، وقال أيضاً : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ* فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (٣) ، فهذه الآيات ونظائرها التي تحكي عن القضية الشرطية لا تدلّ على ما يرتئيه الخصم بوجه من الوجوه ، أي وجود أرضية متوقعة لصدور هذه القضايا ، وذلك لوجهين :
ألف : أنّ هذه الآيات تخاطب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما أنّه بشر ذو غرائز جامحة بصاحبها ، ففي هذا المجال يصح أن يخاطب النبي بأنّه لو فعل كذا لقوبل بكذا ، وهذا لا يكون دليلاً على إمكان وقوع العصيان منه بعد ما تشرّف بالنبوّة وجُهّز بالعصمة وعُزِّز بالرعاية الربانية ، فالآيات التي تخاطب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما هو بشر لا تعم ذلك المجال.
ب. أنّ هذه الآيات تركز على الجانب التربوي ، والهدف تعريف الناس بوظائفهم وتكاليفهم أمام الله سبحانه ، فإذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ نبي العظمة ـ محكوماً
__________________
(١). الإسراء : ٨٦ ـ ٨٧.
(٢). الزمر : ٦٥.
(٣). الحاقة : ٤٤ ـ ٤٧.