ولا يرتكبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً».
وقال : «إنّ أيوب مع جميع ما ابتلي به لم تنتن له رائحة ، ولا قبحت له صورة ، ولا خرجت منه مدة من دم ولا قيح ، ولا استقذره أحد رآه ، ولا استوحش منه أحد شاهده ، ولا تدوّد شيء من جسده ، وهكذا يصنع الله عزوجل بجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه ، وإنّما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره ، لجهلهم بما له عند ربِّه تعالى ذكره ، من التأييد والفرج ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أعظم الناس بلاءً الأنبياء ثمّ الأمثل فالأمثل» وإنّما ابتلاه الله عزوجل بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس لئلّا يدّعوا له الربوبية ، إذا شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه ، ليستدلوا بذلك على أنّ الثواب من الله تعالى ذكره على ضربين : استحقاق واختصاص ، ولئلّا يحتقروا ضعيفاً لضعفه ، ولا فقيراً لفقره ، وليعلموا أنّه يسقم من يشاء ويشفي من يشاء متى شاء كيف شاء ، بأيِّ سبب شاء ، ويجعل ذلك عبرة لمن شاء وشفاء لمن شاء وسعادة لمن شاء ، وهو عزوجل في جميع ذلك عدل في قضائه ، وحكيم في أفعاله ، لا يفعل بعباده إلّا الأصلح لهم ، ولا قوة لهم إلّا به». (١)
وهذه الرواية ـ الصادرة من بيت الوحي والنبوة ـ تعرب عن عقيدة الأئمّة في حق الأنبياء عامة ، وفي حق النبي أيوب خاصة ، وانّ الأنبياء لا يبتلون بالأمراض المنفّرة ، لأنّها لا تجتمع مع هدف البعثة ، وأنّ ابتلاء أيوب كان لأهداف تربوية أُشير إليها في الرواية.
قال السيد المرتضى : أفتصححون ما روي من أنّ الجذام أصابه حتى تساقطت أعضاؤه؟
__________________
(١). الخصال : ٢ / ٤٠٠ ، ط الغفاري.