إلّا وقد نكبه وأهلكه ، وقد تكرر في القرآن أنه لا سلطان له إلّا الوسوسة فحسب. (١)
أقول : إنّما يصح ما ذكره إذا كانت للشيطان مقدرة مطلقة وعامة على كل الصالحين والمؤمنين ، وعند ذلك لم يدع صالحاً إلّا وقد نكبه وأهلكه ، وهو غير القول بتسلّطه على مورد خاص ، وهو أيوب بإذن منه سبحانه ، ولا دليل على امتناع القضية الجزئية ، كيف؟ وقد حكى الله سبحانه عن فتى موسى وهو يوشع النبي قوله : (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ). (٢)
٢. أن يكون المراد من «مس الشيطان بالنصب والعذاب» هو وسوسة الشيطان إلى الناس عند ما اشتد مرض أيوب حيث حثّهم على أن يجتنبوه ويهجروه ، فكان التعيير من الناس والتكلّم منهم لكن بوسوسة من الشيطان ، ونفس هذا التعيير كان نصباً وعذاباً على أيوب ، فالمراد من النصب والعذاب هو التعيير المستند إلى وسوسة الشيطان ، وعلى كل تقدير فلا دلالة لكلمة العذاب بعد كلمة النصب على أنّه كان عقاباً منه سبحانه له ، يقول الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : «إنّ الله ابتلى أيوب بلا ذنب فصبر حتى عُيِّر ، وإنّ الأنبياء لا يصبرون على التعيير». (٣)
وأمّا الأحاديث الواردة حول قصة أيوب من أنّه أصابه الجذام حتى تساقطت أعضاؤه ، فيقول الإمام الباقر عليهالسلام في حقها : «إنّ أيوب ابتلي من غير ذنب ، وإنّ الأنبياء لا يذنبون ، لأنّهم معصومون ، مطهرون ، لا يذنبون ولا يزيغون ،
__________________
(١). الكشاف : ٣ / ١٦.
(٢). الكهف : ٦٣.
(٣). بحار الأنوار : ١٢ / ٣٤٧ نقلاً عن أنوار التنزيل.