عنانه في الاحتجاج ومنه ما يكون صواباً ومنه ما يكون خطأ ، فاحتاج الأئمة الى أن يضعوا آداباً وأحكاماً يقف المتناظران عند حدودها في الرد والقبول » . فالحاصل أن علم الفقه الخلافي عند أهل السنة هو عبارة عن القواعد الأصولية والجدلية المستخدمة لتثبيت المذهب المختار ورد المذهب المعارض .
وأما الفقه الخلافي عند الشيعة فهو عبارة عن مجموعة من الأصول والقواعد للدفاع عن مذهب أهل البيت وإثبات بعد المذاهب الأخرى عن سنة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وبيان ذلك في ثلاثة أمور :
أ ـ منشأ وجود الفقه الخلافي عند الشيعة .
ب ـ الاحتجاجات والمناظرات في هذا الميدان .
ج ـ الكتب والرسائل التي كتبت في الفقه الخلافي .
الأمر الأول : إن الشيعة تعتقد أن السنة الحقيقية للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم هي موروثة عند أهل البيت عليهم السلام ، كما ورد عن الصادق عليه السلام : « لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ولكن أصول علم نتوارثها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كابراً عن كابر » (١) ، لذلك فإن سائر التشريعات التي حدثت بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بعيدة عن سنته ، سواءاً التشريعات التي حدثت في القوانين المالية كإلغاء سهم المؤلفة قلوبهم وسهم ذوي القربى وهو الخمس والقول بالعول والتعصيب في الميراث ، أم في الأمور العبادية كإلغاء متعة الحج وبعض فصول الأذان ووضع صلاة التراويح ، أم في القضايا المعاملية كاشتراط صحة النكاح بحضور شاهدين وعدم اشتراط ذلك في الطلاق وإلغاء نكاح المتعة وشبه ذلك ، وحدوث هذه التشريعات البعيدة في نظر الشيعة عن سنة الرسول صلى الله عليه
__________________
(١) البحار ٢ : ١٧٢ / ٣ . عن ابي جعفر الباقر عليه السلام .