من تفسير البرهان (١) . وخلاصة الاستدلال : أن الآية تنفي لياقة الظالم بمنصب الامامة ، سواءاً كان ظالماً فعلاً أم كان ظالماً سابقاً ، ولازم ذلك اعتبار العصمة في منصب الإِمامة ، إذ لا واسطة بين الظلم وبين العصمة فانتفاء الظلم مستلزم لثبوت العصمة ، وإن كانت العصمة ذات مراتب تشكيكية كسائر الملكات الْأُخرى مثل الشجاعة والكرم ، وأدنى مراتبها انتفاء الظلم ظاهراً وباطناً سابقاً وفعلاً .
وأورد على ذلك الفخر الرازي بأن الاستدلال بالآية على عدم لياقة الظالم بالفعل بمنصب الامامة واضح ، ولكن الاستدلال بها على عدم لياقة الظالم سابقاً بمنصب الامامة لا يتم الا على القول بوضع المشتق للأعم وهو قول خلاف المشهور ، فبناءاً على الصحيح من وضع المشتق للْأَخص تختص الآية بنفي اللياقة عن الظالم الفعلي دون غيره ، فلا يتم الاستدلال بها على العصمة (٢) .
والجواب عن هذا الايراد : إن الاستدلال بالآية على نفي لياقة غير المعصوم بالامامة تام وإن قلنا بوضع المشتق للْأَخص ، وتماميته بوجهين :
أ ـ إن مناسبة الحكم للموضوع قرينة عرفية ارتكازية تقتضي كفاية حدوث الظلم ولو آناً ما باطناً أو ظاهراً لعدم تقلد منصب الامامة الذي هو أعلى منصب في الاسلام ، ويؤيد ذلك الارتكاز العقلائي فإن كثيراً من الدول تمنع من تقلد بعض المناصب المهمة من قبل من كانت له سابقة مخلة بالشرف ، والنصوص الشرعية ترشد لذلك أيضاً ، ففي حسنة زرارة عن الباقر عليه السلام « لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والْأَبرص والمجنون والمحدود وولد
__________________
(١) تفسير البرهان : ١ / ١٤٩ .
(٢) التفسير الكبير : ٤ / ٤٦ .