المنشأ الثالث : ( من مناشئ القول بأن المشتق موضوع للْأَعم ) الخلط بين العنوان المأخوذ على نحو المعرفية والعنوان المأخوذ على نحو الموضوعية ، فمثلاً عندما نقول : « خذ الدين من هذا العالم » فالموضوع الاثباتي هو الموضوع الثبوتي لأَنّ عنوان العالم مأخوذ على نحو الموضوعية ، بينما إذا قلنا : « خذ الدين من هذا الجالس » فهنا يحكم العرف العقلائي ـ بقرينة مناسبة الحكم للموضوع ـ أن العنوان وهو الجلوس مأخوذ على نحو المعرفية للموضوع الواقعي ، فالموضوع الاثباتي مختلف عن الموضوع الثبوتي .
والحاصل : أن ظاهر تعليق الحكم على عنوان معين أخذ العنوان على نحو الموضوعية ، ولكن قد يخرج عن هذا الظاهر بقرينة لفظية أو مقامية أو عقلائية كما سبق في المثال الثاني ، فيكون العنوان مأخوذاً على نحو المعرفية .
وقد خلط بعض العلماء بين هذين النوعين ، فتصور أن جميع العناوين المأخوذة في القضايا مأخوذة على نحو الموضوعية ، وبناءاً على ذلك فلا وجه لتعليق الحكم على عنوان زال التلبس بمبدئه حين فعلية الحكم ـ كما في المثال السابق « خذ دينك من الجالس » إذا صار الجالس قائماً ـ الّا إذا قلنا بوضع المشتق للْأَعم ، فإنه على القول بوضعه للْأَخص لا يتصور تعليق الحكم لأَنه تعليق على عنوان لا فعلية له ، لكننا نرى شيوع مثل هذه القضايا وصحة التعليق فيها مما يدل على الوضع للْأَعم .
والصحيح أن العنوان المعلق عليه الحكم قد يكون مأخوذاً على نحو الموضوعية فلا يعقل فعلية الحكم بعد انتفاء فعليته نحو « قلِّد العادل » ، الا إذا أخذ المبدأ بمعنى المضي والحدوث ، أو كان العنوان مأخوذاً بنحو الحيثية التعليلية لا الحيثية التقييدية ، أو كان مأخوذاً على نحو العلية الحدوثية لا البقائية ، كما سبق طرح هذه الوجوه في آية السرقة والزنا .
وقد
يكون العنوان مأخوذاً على نحو المعرفية للموضوع الواقعي من دون