ألوان الوجود الرابط .
٢ ـ ثبوت شيء لشيء آخر فيحتاج الذهن حينئذٍ لعمل إبداعي وهو الدمج والربط بينهما ، وهذا لون آخر من ألوان الوجود الرابط الذي طرحه الأصوليون في بحث المعنى الحرفي ، وبحث بساطة المشتق وتركيبه ، وفي بحث اجتماع الأمر والنهي ، وفي بحث استصحاب العدم الأزلي ، ومما رتبناه على نظرية التكثر الادراكي أيضاً نظرية تحليل المعنى الحرفي الذي وقع النزاع عند علماء الأصول في الفارق بينه وبين المعنى الاسمي على قولين :
١ ـ أن الفارق بينهما فارق ذاتي ، وهو الذي ذهب له معظم الأصوليين حيث قالوا بأن الفرق بين مفهوم لفظة ـ في ـ ومفهوم لفظة ـ الظرفية ـ أن الثاني يعبر عن الوجود النفسي للحلول والظرفية ، بينما الأول يعبر عن الوجود الاندكاكي في الطرفين الذي لا مفهوم له أصلاً حتى مفهوم التعلق بالطرفين فإنه مفهوم اسمي لا حرفي .
٢ ـ أن الفارق لحاظي ، وذهب له صاحب الكفاية ، وقال : بأن حقيقة المعنى واحدة ومشتركة وهي حقيقة الظرفية ـ مثلاً ـ إلا أن الذهن تارة يتصور هذا المعنى على نحو الاستقلالية ويعبر عنه بالمعنىٰ الاسمي وتارة يتصوره بنحو الآلية أو المرآتية ـ على اختلاف في تحليل مطلب الكفاية ـ ويعبر عنه بالمعنى الحرفي (١) ، وهذا التفنن في التصور هو ما نعبر عنه بنظرية التكثر الإِدراكي الذهني ، ونحن قد اخترنا القول الثاني أيضاً ، لكننا ذهبنا لكون الفارق اللحاظي بين المعنيين ليس هو الاستقلالية والآلية بل هو الخفاء والوضوح ، بمعنى أن هناك معنى واحداً وهو حقيقة الحلول ـ مثلاً ـ ولكننا تارة نتصور هذا المعنى بصورة تفصيلية واضحة ونعبر عنه بالظرفية فهذه الكلمة تعكس مفهوم
__________________
(١) الكفاية : ١٢ .