الحجاب : لمّاأُهديت زينب إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) صنع طعاماً ودعا القوم ، فجاؤوا فدخلوا وزينب مع رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في البيت ، وجعلوا يتحدّثون ، وجعل رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يخرج ثمّ يدخل وهم قعود. قال : فنزلت هذه الآية : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ... إلى : فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ) قال : فقام القوم وضُرب الحجاب)) (١).
فالتعبير في هذه الرواية ب ـ ((القوم)) دالّ على ((عدّة)) هي موردالخطاب لنزول الآيات : (لاٰ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّٰ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ).
ومن الظاهر كونهم ممّن يكثِر الاختلاط بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والدخول في بيوته ; فهم من مبرّزي الصحابة.
وكانوا ممّن يعتاد جلوسه على الطعام في بيوت النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وقد مرّفي رواية مجاهد مرور عمر بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي البيت عائشة ، وقدقال تعالى في الآية : (وَلٰكِنْ إِذٰا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذٰا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاٰ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذٰلِكُمْ كٰانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللّٰهُ لاٰ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) ، كماأنّ قوله تعالى: (وَإِذٰا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتٰاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ) ؛ ممّايدلّ على كثرة خلطتهم للنبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وبيوته ، وقدمرّ في الروايات مخاطبة عمر لزينب بنت جحش وسودة بنت زمعة وعائشة.
وأنّ هذه السلوكيات من هذه الفئة من الصحابة الملتصقين كان يؤذي النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، كمافي قوله تعالى :(وَمٰا كٰانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّٰهِ).
بل الآيات صعّدت لهجة النكيرمع هؤلاء الصحابة;إذ تجاسروا على ذلك وعلى القول بنكاح أزواج النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بقوله تعالى في ذيل تلك الآيات : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّٰهُ فِي الدُّنْيٰا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذٰاباً مُهِيناً).
بل شدّدت النذير : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنٰافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاٰ يُجٰاوِرُونَكَ فِيهٰا إِلاّٰ قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمٰا
__________________
(١) جامع البيان ابن جرير الطبري ٢٢/ ٤٧.